اللجنة الدائمة : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : فإن القدس وبيت المقدس ، أرض مباركة نص القرآن على مباركتها في أكثر من موضع منها قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) . [ الإسراء : 1 ] . وقوله : ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) . [ الأنبياء : 71 ] . وقوله : ( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ) . [ الأنبياء : 81 ] .
والمسجد الأقصى ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام ، فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله ! أي مسجد وضع في الأرض أول قال : ( المسجد الحرام ) ، قال : قلت : ثم أي ، قال : ( المسجد الأقصى ) . قلت : كم كان بينهما قال : ( أربعون سنة ) . [ الحديث أخرجه البخاري ومسلم ] .
وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال للصلاة فيها ، أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الأقصى ) .
وهو أحد المساجد الثلاثة التي تضاعف فيها الصلاة ؛ كما جاء في حديث أبي الدرداء رفعه : ( الصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة ، والصلاة في مسجدي بألف صلاة ، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة ) .
قال الحافظ في " الفتح " : (3/67) : قال البزار : ( إسناده حسن ) .
لذلك ولما لبيت المقدس والقدس من فضل ، ولما له من مكانة في الشريعة الإسلامية ومكانة في نفوس المسلمين واستشعارًا للمسؤولية . فإن " اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " بالمملكة العربية السعودية تابعت ولا تزال تتابع بكل ألم ما جرى ويجري من التعديات والممارسات الظالمة التي تزداد يومًا بعد يوم ، وإخراج أهل الدور من دورهم ، وتشريد الآلاف من ممتلكاتهم ، والاستيلاء على بيوتهم ومزارعهم ومساكنهم ليقيم عليها اليهود مغتصباتهم التي يسمونها مستوطنات ، وما يقومون به من اعتداء على المصلين والمتعبدين ، وإقامة الجدار العازل ، وتشديد الحصار الاقتصادي ، وسحب الهويات ، والاعتقالات ، وتدني مستوى الخدمات ، وإغلاق المؤسسات الخيرية ، ومضايقة السكان بشتى ألوان المضايقات ، ولا شك أن هذا إجرام وظلم وبغي في حق القدس والمسجد الأقصى وأهل فلسطين .
وهذه الأحداث الأليمة توجب على ولاة أمر المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين والتعاون معهم ، ونصرتهم ، ومساعدتهم ، والاجتهاد في منع اليهود من الاستمرار في عدوانهم واعتداءاتهم على المسجد الأقصى ، وإنهاء الاحتلال الظالم كل في ميدانه وموقعه قيامًا بالمسؤولية ، وبراءة للذمة .
هذا وإننا نوصي إخواننا المسلمين في فلسطين والقدس بتقوى الله تعالى والرجوع إليه سبحانه ، كما نوصيهم بالوحدة على الحق وترك الفرقة والتنازع لتفويت الفرصة على العدو الذي استغلها وسيستغلها بمزيد من الاعتداءات والتوهين .
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكشف الغمة عن هذه الأمة ، وأن يعز دينه ويعلي كلمته ، وأن ينصر أولياءه ويخذل أعداءه ويجعل كيدهم في نحورهم ، ويكفى المسلمين شرهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين .