الـفـرق بين الـرؤيا والحـلـم:
الرؤيا والحلم عبارة عَمَّا يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح... ويُستعمل كل واحد منهما موضع الآخر([1]).
وظاهـر قـوله r: ((الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلْـمُ مِنْ الشَّيْطَانِ))([2]) أن التي تضاف إلى الله لا يقال لها: حلم، والتي تضاف إلى الشيطان لا يقال لها: رؤيا، وهـو تصرف شرعي، وإلا فكل يسمى رؤيا، وقد جاء في حديث آخر ((الرُّؤْيَا ثَلاثٌ)) فأطلق على كُلٍّ رؤيا، وسيأتي بيانه([3]) .
والرؤيا والحلم بالنسبة إلى الخلق والتقدير من قِبَل الله U، وإضافة الرؤيا إلى الله للتشريف، وإضافة الحلم إلى الشيطان لأنه هو الذي يخيل بالرؤيا المكروهة، ولا حقيقة لها في نفس الأمر، وقيل: الإضافة مجازية، والصواب الأول لظاهر قوله r: ((وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ)). وقوله r في حديث جابر الآتي: ((لا يُحَدِّثَنَّ أَحَدُكُمْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي مَنَامِهِ)).
أصدق الأوقات رؤيا:
أخرج البخاري عن ابن سيرين قال: ((رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ))([4]).
غير أن أصدق رؤيا الليل : "وقت الأسحار، فإنه وقت النُّزول الإلهي واقتراب الرحمة والمغفرة وسكون الشياطين"([5]).
وأصدق رؤيا النهار وقت القيلولة، ففي الحديث المتفق على صحته، عن أنس بن مالك t، قال: حدثتني أمُّ حَرامٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا ، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ .
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ ؟
قَالَ: ((عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ)) .
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ .
فَقَالَ: ((أَنْتِ مِنْهُمْ)) .
ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا .
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ .
فَيَقُولُ: ((أَنْتِ مِنْ الأَوَّلِينَ)) .
فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِت،ِ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا))([6]) .
وفي رواية: ((فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ)) .
وفي رواية: ((فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ)) .