إن المدرك الذهني من تصور الكلمة المنونة يختلف عن غيرها، داخل التراكيب، كما أنها تكون مصحوبة بغنة مميزة لفظاً، لان التنوين نون ساكنة تلحق الاسماء المتمكنة الدالة على مسماها، لاستقلال مفهومها الذاتي، لان من تمام الاسماء دخول التنوين عليها بدليل بعدها عن الاضافة معه، والتنوين فرع الاعراب، فهو لا يلحق إلا المعربات، اذ المعرب يؤدي وظائفه التركيبية، بعلامات الاعراب رفعاً، كالابتداء والفاعلية ونصباً كالمفعولية وجراً كالمضاف اليه بحرف ظاهر أو مقدر ويتبعه التنوين بتضعيف العلامة رفعاً ونصباً وجراً ليؤدي معاني الاسمية التي ينهض بها الاسم دون غيره، لان الفعل لا يدخله تنوين التمكين، وهو بخلاف الترنم والغالي الذي يلحق القوافي المطلقة بحرف علة والمقيدة، وهو لا يختص إذ يدخل الاسم المعرف والفعل والحرف، لاجل الايقاع النغمي او لاظهار الوقف، لانه يضاد الحركة وذلك موقوف على الشعر وموسيقاه لتقييده بالوزن والقافية، اما تنوين التنكير والمقابلة والعوض، فله اغراض اخرى ودلالات ينبغي الكشف عنها حتى نصل الى المعاني الدقيقة التي يقوم بها التنوين عامة، وذلك بتتبع الاسماء المتمكنة وغير المتمكنة، والمفردة والمجموعة والمبنية والصفات واسماء الافعال وعلاقته بالتعريف والتنكير والحذف والاعراب والبناء وغير ذلك، ومخرج النون الساكنة المعبر عنها بالغنة ومعنى المنصرف، لانه مأخوذ من الصريف، بمعنى الصوت او من الصرف بمعنى الخالص، او من الانصراف بمعنى الرجوع. وكأنه بالنسبة الى غير المنصرف، انصرف عن شبه الفعل، أي رجع(1)، فالصرف أن يدخل الاسم الجر والتنوين أو ما عاقبه من الالف واللام أو الاضافة، والتصرف هو استعمال الاسم بوجوه الاعراب من الرفع والنصب والجر.
اما المعاني التي تلمح في الكلمات المنونة فهي ما يأتي :
1- علم الخفة :-
التمكن يعني غلبة معنى الاسمية على مدلول الكلمة، بحيث تدل على مسماها دلالة لا تشوبها الوصفية أو العدل أو التأنيث أو العجمة أو التركيب أو الجمع أو الزيادة، ولفظاً ليست على وزن الفعل، اذ تقتصر على المدلول الذي هو باق على اصالته وتذكيره وافراده بدون زيادات ولا نقل ولا علمية بحيث تثقله بدلالات زائدة على المدلول، لان الاسم المتمكن ما تضمن الدلالة الذاتية المستقلة في مفهومها والقادر على تحمل الوظائف التركيبية بعلامات دالة على ذلك بدليل تبعية التنوين للاعراب ويعد التوين في الاسماء المتمكنة، دليل الخفة، وذلك لان التنوين فيها مكمل لمدلولها، لان ( الاعراب من كمال الاسم )(1)، وكماله في التركيب بدلالته على معنى وظيفي، لان الاعراب ( ابانة المعنى والكشف عنها )(2)، فكل معرب اسم وليس كل اسم معرباً، والمعرب ما كانت الاسمية فيه واضحة الدلالة على مسماها الكامل بالاعراب، وهو المستقل بذاته، لدلالته على مدلول معين، ودال أيضاً على معنى زائد على مدلوله بعلامة الاعراب، فالاعراب دليل معان زائدة على معقولية المدلول(3)، وهو مرا د المتكلم بعلامات دالة على معان مقصودة، فالموجد لمعاني الفاعلية والمفعولية والاضافة ( هو المتكلم والآلة العامل ومحلها الاسم وكذا الموجد لعلامات هذه المعاني هو المتكلم، لكن النحاة جعلوا الآلة كانها هي الموجدة للمعاني ولعلاماتهافلهذا سميت الآلات عوامل )(4)، وهذه المعاني التي يتحملها الاسم عند تركيبه، اذا ضم الى غيره في تركيب تام، فالتركيب شرط حصول موجب الاعراب، وهو سبب الجهة النحوية التي تحدث بالنسبة الى الاسم، لان النسبة احد اجزاء الكلام المفيد، فالاعراب علامة التصرف في المعاني تركيباً، والبناء ضده، لان لاسماء المبنية قد خرجت عن ذلك، فلم تتصرف في المعاني بعلامات الاعراب لتحويلها الى مبهمات مفتقرة الى ما يبينها لفظاً ومعنى، لغلبة الحرفية عليها، وقد تظهر عليها الفعلية بتصرفها في المعاني تصرفاً شبيهاً بتصرف الافعال، لان تصرف الاسم بالمعاني لا يكون بتغيير بنيته، لان تغيير البنية من خصائص الفعل، فإذا ثقل الاسم بكثرة المعاني الذاتية التي يدل عليها، كما ثقل الفعل بذلك منع التنوين والكسرة، لانهما يدلان على الخفة بغلبة الاسمية، لانهما لا يلحقان الا الاسماء الباقية على اصالتها، والممنوع من الصرف خارج عن الاصل بعلة او علتين من العلل التسع التي يجمعها قوله(5) :
عدل، ووصف، وتأنيث، ومعرفة
وعجمة، ثم جمع، ثم تركيب
والنون زائدة من قبلها ألف
ووزن فعل وهذا القول تقريب
وما يقوم مقام علتين منها اثنان، احدهما : الف التانيث مقصورة كانت كحبلى او ممدودة، كحمراء، والثاني الجمع المتناهي كمساجد، ومصابيح.
إن هذه العلل في الحقيقة تصرف في المعاني الذاتية للاسم، وبها يخرج عن بابه، لانها تزيد في دلالته وتبعده عن الخفة التي يمثلها التنوين فيه، فاذا ثقل بها حرم منه للدلالة على خروجه عما وضع له اصلاً، لان المقياس الحقيقي للالفاظ هو المقياس المعنوي فالموانع اغلبها معنوية، فاذا لحقت مدلول الاسم اثقلته، وظهر ذلك بتغيير في بنية الاسم الممنوع من الصرف او المحول عن اصله في دلالته المعنوية على مدلوله، وهو مسماه غير المعدول عن المكرر على وزن ( فُعال ) كثلاث و ( مفْعل ) كمثنى، في قوله تعالى (( الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلاً أولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع – فاطر 1 )).
او الموصوف مع العدل كأخُر المعدول عن ( ال ) والموصوف مع وزن الفعل كأحمر وأخضر، ومؤنثه حمراء وخضراء، او فعلان كسكران وعطشان ومؤنثه سكرى وعطشى، بغير ( تاء ) لعدم جريه علىالفعل، فاذا جاء مؤنثه بالتاء صرف،ولكن صرفه ليس كصرف الاسم، لان التنوين في الصفات ليس تنوين تمكين، وانما يدل على سلب معنى الصلة فيها والنسبة، اذ الوصف معه لا يوصل بأل الموصولة، ولا يضاف الى معموله، نحو قوله تعالى (( لاهيةً قلوبهم – الانبياء 3 )) وقوله (( وما ذرأ لكم في الارض مختلفاً الوانه – النحل 13 )) فيجري مجرى فعله في طلبه للفاعل والمفعول او كان مسماه غير مجموع جمعاً متناهياً، وهو كل جمع بعد ألف تكسيره حرفان او ثلاثة اوسطها ساكن، نحو مساجد ومصابيح ، وليس له نظير من المفرد ، نحو كلاب فهو ككتاب وشيوخ كحضور وخروج، وقضاة وغزاة، فهما كهمزة ولمزة. اما إذا كان معتل الاخر جرى في الرفع والجر مجرى المنقوص كجوارٍ وغواشٍ، فينون تنوين عوض عن الياء المحذوفة، وليس هو تنوين التمكين الدال على الخفة، نحو قوله تعالى (( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش – الاعراف 41)).
2- علم الايجاز :-
وهو تنوين العوض عن حرف محذوف في الاسماء المنقوصة غير المضافة والمجردة من اداة التعريف في حالتي الرفع والجر كقاض وغاز، لان الياء والواو اذا تطرفتا اعلتا بحذف الحركة، والتطرف موطن الاعراب، ويتبعه التنوين فيلتقي ساكنان، احدهما حرف علة ، فيحذف والحذف ايجاز، ولا سيما اذا كان العوض لا يظهر في الخط، ويحذف في الوقف.
واللاحق لكل وبعض عوضاً عما يضافان اليه، نحو قوله تعالى (( قل كل يعمل على شاكلته – الاسراء 84 )) وقوله (( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك – الاسراء 20 )) وقوله (( طوافون عليكم بعضكم على بعض – النور 58 ))، وقد بقيت ( كل ) معربة مع قطعها عن الاضافة، لقيام التنوين مقام المضاف اليه، فكأنه ثابت، كما جاء في قوله تعالى (( له من في السموات والارض كل له قانتون – الروم 26 )) والذي يلحق ( إذ ) عوضاً عن جملة تكون بعدها، نحو قوله تعالى (( وانتم حينئذ تنظرون – الواقعة 84 )) أي : حين إذ بلغت الروح الحلقوم، فحذف ( بلغت الروح الحلقوم ) وأتى بالتنوين عوضاً عنها، كما أن تعارض التنوين والاضافة والتعريف بأل يدل على أن الغرض من التنوين الايجاز، بدليل حذفه عند الوقوف عليه، والتنوين مؤذن بالوقف، ولا يوقف على المضاف لحاجته الى المضاف اليه، لانهما كالكلمة الواحدة بدليل إكتساب المضاف من المضاف اليه التعريف والتخصيص والاعراب والبناء والتذكير والتأنيث ، وقيام المضاف اليه مقام المضاف، نحو قوله تعالى (( واسأل القرية – يوسف 82 )) وقوله (( ولكن البر من آمن بالله – البقرة 177 ))، أي وأسال أهل القرية ولكن البر ير من آمن بالله ، وقوله (( وأشربوا في قلوبهم العجلَ – البقرة 93 ))، أي حبّ العجل .
3- التنكير :-
وهو اللاحق للاسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها، نحو مررت بسيبويهِ وبسيبويهٍ آخر(1) ويلحق اسماء الافعال، نحو ويها وواها، ويكون مقياساً للفصل بين ما يكون منها نكرة او معرفة فما نون وجوباً، او جوازاً فهو نكرة، وما لم ينون فهو معرفة، ولا يدخل على ما كان واجب التعريف ، نحو : نزال وتراك وبابهما.
إن التنكير يعني العموم والشيوع والتعدد ودليله ( رب ) حرف الجر الشبيه بالزائد والدال على التقليل او التكثير بحسب السياق والتعريف ضده، ودليله ( أل ) والاضافة ، والاسماء المبنية مبهمة، لافتقارها الى ما يوضحها، لذلك لازمت حركات البناء مهما اختلفت مواقعها ورتبها، والتنوين فرع الاعراب في الاسماء المتمكنة، ولما كانت القاب البناء نظائر لالقاب الاعراب، والاعراب ضم البناء بالتغليب، لان ( علم النحو مشتمل على احكام الكلمة والاحكام على قسمين قسم يلحقها حالة التركيب ، وقسم يلحقها حالة الافراد، فالاول قسمان قسم اعرابي وقسم غير اعرابي، وسمي هذان القسمان علم الاعراب تغليباً لاحد القسمين )(2)، فجاء التنوين في الاعلام المبنية تعبيراً عن تنكيرها، كما في الاعلام المعربة، لاشتراكهما في العلمية، واتفاقهما في عدم قبول ( أل )، لان المبنيات من المعارف بغير ( أل )، والاضافة.
اما ( فَعالِ )، فانها صيغة قياسية، نابت عن ( افعل ) ولم تتأثر بعامل، لان الفعل اقوى العوامل، لحاجته للفاعل دائماً والى المفعول غالباً، والفعل لا ينون لثقله بدلالاته المتعددة بدليل الحذف منه بالجزم وغيره، ولافتقاره الدائم الى الفاعل، والتنوين مؤذن بالتكامل والتمام ، فهما ضدان. وقد نونوا الاعلام كزيد وبكر، لانها ضارعت بألفاظها النكرات، اذ كان تعريفها معنوياً لا لفظياً، لانه لا لام تعريف فيها، ولا اضافة(3)، كما أن الاعلام في الاغلب منقولة من غيرها، فتبقى محافظة على اصولها بدليل منع صرف احمد، ويشكر، ويعرب، وشمر ودخول ( أل ) على المضارع في قوله تعالى (( وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً كلاً فضلنا على العالمين – الانعام 86 )).
4- علم الافراد :-
المفرد المعرب تلحقه علامات الاعراب الاصلية، والاصل في التنوين أن يتبع علامات الاعراب، لانه فرع عنها، والمثنى والجمع تلحقه علامات فرعية، فتنوب النون عن التنوين فيهما طرداً للقاعدة في الاصل والفرع، فلما مدت العلامات الاصلية ، فأصبحت الطويلة علامات اعراب، لان القصيرة ابعاضها، فجعلت النون حرفاً ظاهراً في اللفظ والخط تبعاً لامتداد العلامات ، وحركت في المثنى بالكسر لمناسبة الياء، وبالفتح في الجمع لمناسبة ثقل الواو، لان الفتحة اخف الحركات، ثم إن النون تحذف عند الاضافة، لان الاضافة صلة واسناد والنون تكامل وتمام كالتنوين، فيتنافران.
5- التنكير :-
إن المذكر اصل، لانه يأتي بلا علامة، والمؤنث بعلامة، فكان التنوين مع الاسم المذكر جارياً على الاصل، بدليل قيام ألف التأنيث مقصورة او ممدودة مقام علتين في منع الصرف، أما التاء، فانما تزاد للفصل بين المؤنث والمذكر، وذلك في الصفات، كقائم وقائمة ،وقاعد وقاعدة ويندر في غيرها كامرئ وامرأة، وتأتي لمعان اخرى غير التأنيث كالعوض، والمبالغة والنسب في الجمع والمرة والهيأة في المصادر، وغير ذلك وتدخل في بناء الكلمة، بدليل ظهور علامات الاعراب عليها، كما أنها لا تمنع الوصف من الصرف مفردا كان ام مجموعا، والف التأنيث تمنع الصرف في المفرد والجمع نحو اصدقاء وانبياء، وان تنوين الصفات ليس تنوين تمكن، لانها تجري مجرى افعالها بدليل عملها، والصفات التي لا تقبل التاء تجمع جمع تكسير لا تصحيح للدلالة على الثبوت، لانها لا تجري على افعالها كأفعل فعلاء وفعلان فعلى، فانهما يجمعان على ( فُعْل ) و( فِعال )، و( فعالى ) والفعل يلحقه علم التأنيث، لانه جزء فاعله، لانهما كالكلمة الواحدة بدليل عدم استقلاله عنه، وتحمل الفاعل في الافعال الخمسة، علامة رفع الفعل بثبوت النون بعده بدليل حذفها في الجزم والنصب، لابتعاد الفعل عندئذ عن شبه الاسم، لانه لا يدخله الجزم، وفي ذلك دليل على أن الوصف في الحقيقة فعل مبالغ فيه، لان الفعل في الواقع وصف لفاعله، كما أن الاسم المختوم بألف التأنيث أشد تمكنا في التأنيث من المختوم بتاء التأنيث، بدليل سقوطها في جمع المؤنث السالم.
6- علم الاسميـــة :-
وهو اللاحق للاسماء المعربة كزيد ورجل، ليدل على تمكنها في الاسمية، وهي صفة الثبوت والدوام على مدلولاتها، والاستقلال والوضوح في مفهومها، والتامة بالاعراب، الكاملة بالتنوين او بالاضافة، ودلبلها صحة الاسناد الى مدلولها اسناداً تاماً في الجملة الاسمية والفعلية او ناقصاً في الاضافة والجر بدليل اختصاصهما بالاسم، لان كل مجرور مخبر عنه في المعنى ولا يخبر إلا عن الاسماء، لذلك استوفت علامات الاعراب الثلاث وتغيرت معانيها التركيبية بالتعاقب، فكان الاسم اقوى من غيره، للحاجة اليه لكل كلام مفيد ، وقد تستغني الجملة المستقلة عن الفعل والوصف والمبهمات والغايات والحرف، ولكنها لا تستغني عن الاسم، لدلالته على مدلوله بنفسه من غير حاجة الى انضمام كلمة اخرى اليه لاستقلاله بالمفهومية، لذلك كان الاصل في الاسم الاعراب، وهو محل علامات الاعراب، وموطن المعاني المتعاقبة وظيفياً، اما ذاتياً فهو المستقل بنفسه، فجاء التنوين دالاً على تكامله في الدلالة، بدليل حذفه عند الاضافة أو الاقتران بـ ( أل ) لحصول التضاد، فكان التنوين علماً على الاسمية، لان الاسم وحده هو المعرب، وهو وحده الذي يكمل بالتنوين.
7- علم العموم :-
وهو اللاحق للنكرة غير المقصودة في النداء، نحو قول الاعمى : يارجلاً خذ بيدي، والذي يلحق المصدر النائب عن فعل الامر ، نحو : ضرباً زيداً اذ المعنى يارجلا ايا كان و ضربا أي نوع من الضرب، والذي يلحق اسماء الافعال ، نحو ( صه ) اذا نونٌ فان المعنى امسك عن أي نوع من انواع الكلام تحاوله، واذا كان كلاماً معيناً اسكن الهاء في الوصل ،وهذه المعاني التي يساق التنوين من اجلها ليست شبيهة بتنوين التمكين الذي اختصت به الاسماء المعربة المصروفة.
8- علم الفعليــة :-
وهو اللاحق للصفات بدليل عملها عمل افعالها، لان التنوين فيها يقوي معنى الفعلية فيها، وذلك لانها في اصولها افعال قد بولغ فيها، فالتنوين يعيدها الى اصولها في المعنى، لانه يلازم الاصل اسماً كان ام وصفا، مع اختلاف دلالته فيهما، بدليل صحة الاخبار عن اعرف المعارف ، وهو الله تعالى بحذف التنوين من الوصف، نحو قوله تعالى (( إن الله فالق الحب والنوى – الانعام 95 ))، ووصفه تعالى في قوله (( تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول – غافر 2، 3 )) وقوله (( الحمد لله رب العلمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين – الفاتحة 2-3 ))، فالاضافة فيها محضة وليست لفظية واذا نون الوصف جاء وصفاً للنكرة، نحو قوله تعالى (( فلما رأوه عارضاً مستقبل اوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا – الاحقاف 24 )).
وعاملا كفعله، نحو قوله تعالى (( اني جاعل في الارض خليفةً – البقرة 30 ))، وقوله (( فلعلك تارك بعض الذي يوحى اليك وضائق به صدرك – هود 12 "، وقوله " فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفاً –الكهف 6 )).
9- علم الاصالــة :-
وهو اللاحق للاعلام العربية فصلا لها عن الاعلام الاعجمية بدليل اشتراطهم في العلم الاعجمي الممنوع من الصرف ( أن يكون علما في اللسان الاعجمي، وزائداً على ثلاثة احرف كابراهيم، واسماعيل، فتقول : هذا ابؤاهيم، ورايت ابراهيم، ومررت بابراهيم، فتمنعه من الصرف للعلمية والعجمة، فان لم يكن الاعجمي علماً في السان العجم، بل في لسان العرب، او كان نكرة فيهما، كلجام – علما او غير علم – صرفته، فتقول : هذا لجام ورأيت لجاماً، ومررت بلجام، وكذلك ما كان علما اعجمياً على ثلاثة احرف، سواء كان محرك الوسط كشَتَرَ، او ساكنه كنوح ولوط )(1)، وصرف الثلاثي منه لخفته، والتنوين علم الخفة بدليل سكون الوسط ومنع متحركه.
10- علم التكامــل :-
وهو اللاحق للاسم المعرب، لاستقلاله الذاتي، لان التنوين فيه مؤذن بالوقوف عليه، بخلاف المضاف الذي لا يوقف عليه لحاجته الى المضاف اليه، والتنوين في الاسم المعرب يكمله، لانه يدل على عدم حاجته الىضميمة توضح دلالته الذاتية، بدليل الوقوف عليه، ولا يجتمع مع ( أ ل )، لانها تجئ بمعان التعريف كالعهد والحضور والجنس والغلبة، وهي تتعارض مع التنوين، وكذلك الاضافة، لانها صلة ونسبة واسناد تقتضي وجود طرفين، بدليل قيام التنوين مقام المضاف اليه عند حذفه، فيوقف على المضاف اذا دل على العموم او التبعيض.
--------------------------------------------------------------------------------
1 – ينظر : النكت الحسان :154.
1 – الامالي النحوية 3 /113.
2 – شرح الكافية : 1 /17.
3 – ينظر الامالي النحوية : 1 / 108.
4 – شرح الكافية : 1 /23.
5 – شرح ابن عقيل : 2 / 321.
1 – ينظر : شرح ابن عقيل : 1 / 17.
2 – همع الهوامع : 2 / 212.
3 – ينظر : الخصائص : 3 / 240.
1 – شرح ابن عقيل : 2 / 332.
النتائـــج
1- تستقل الكلمة بالتنوين وتتكامل، مؤدية معاني الخفة، والايجاز والتنكير والافراد والتذكير والاسمية والعموم والفعلية والاصالة والتكامل.
2- تنوين الاسم يدل على الخفة لغلبة الاسمية، وذلك في المعرب، لادائه الوظائف التركيبية بالعلامات الاصلية، والاصل أخف من الفرع.
3- التنوين يتبع علامات الاعراب الاصلية، فكان علماً على الاصالة.
4- تظهر نون التنوين خطاً تبعاً للعلامات الفرعية فلما طالت الاصوات القصيرة خطاً في الاعراب الفرعي طال صوت النون.
5- تنوين الوصف يدل على سلب الصلة والنسبة التقييدية في الاضافة وتمكن النسبة التامة ويعني تمكن الفعلية فيه، بدليل عمله عمل فعله.
6- تنوبن النكرة غير المقصودة في النداء يدل على العموم، وكذلك اسماء الافعال والمصادر النائبة عن افعالها.
7- التنوين من تمام الاسم، والاعراب مبين لوظيفته ، لذلك اجتمعا فيه لفظاً ومعنى.
8- ينون الاسم افراداً ويعرب تركيباً، لذلك تغيرت علامات الاعراب، وثبت التنوين.
9- لا ينون المبني، لابهامه وإفتقاره، والتنوين تكامل واستقلال، لانه مؤذن بالوقف والمبني لافتقاره لا يوقف عليه.
10- تصريف البنية بالزيادة والعدل من خصائص الفعل، ودليل الخروج عن الاصل الى الفرع، والتنوين لا يلحق الفرع لذلك امتنع الاسم من الصرف.
11- منع الجمع المتناهي من الصرف ، وإن كان الجمع من خصائص الاسم، لبعده عن مشابهة المفرد في البناء، بدليل صرف الجمع الذي له نظير من المفرد.
12- التنوين يقوم مقام المضاف اليه، بدليل اعراب كل وبعض اذا قطعتا عن الاضافة، اما بناء ما قطع عن الاضافة كقبل وبعد وغير، نحو قوله تعالى (( لله الامر من قبل ومن بعد – الروم 3 ))، فلانها موغلة في الابهام، فيحصل التضاد بالتنوين.
13- يساق التنوين للايجاز، بدليل تعارضه مع الاضافة و( أل ) التعريفية، ومجيئه عوضاً عن محذوف.
14-جاء التنوين في الاعلام المبنية، تعبيراً عن تنكيرها، كما في الاعلام المعربة، لاشتراكهما في العلمية، واتفاقهما في عدم قبول ( أل ).
15- نونت الاعلام، والتنوين يدل على التنكير، لان العلم ينقل من غيره غالبا ، فيبقى محافظاً على اصله، فالتنوين فيه يدل على الاصالة، بدليل تعريفه المعنوي، لا اللفظي، لانه لا يعرف بـ ( أل ) ولا بأضافة.
16- علم التأنيث الذي يقوم مقام علتين في منع الصرف في الاسم هو الالف مقصورة كانت ام ممدودة، وليس التاء، لانها تفرق بين المذكر والمؤنث في الوصف الجاري على فعله، لان الوصف في حقيقته فعل مبالغ فيه، والفعل يفرق فيه بين المذكر والمؤنث بالتاء، بدليل صرفه معها إلا إذا نقل الى العلمية.
17- منعت ( اشياء ) من الصرف، لانها في الاصل على وزن ( افعلاء )، فحذفت الهمزة لثقل توالي الهمزات، كما في نبي وانبياء، لان الاصل ( نبئ ) بالهمز وتطرف الهمزة في المفرد يعرضها للتسهيل ثم الحذف بدليل حذفها في مواطن كثيرة، وليست على وزن ( افعال )، لانه مصروف ولم يأت منه اسم جمع على ( فعلاء )، لان اسم الجمع لا مفرد له من لفظه ، وليس اصله شيئاء، ثم حدث فيه قلب مكاني، فكان على وزن ( لفعاء ) وانما منعه التانيث بالالف الممدودة والجمع فصار كأدعياء وأصدقاء واولياء، لان الهمزة أصلها الالف، فاذا تحركت وتلاها الالف قلبت الفا، فيلتقي الفان، وهما ساكنان، فيحذف احدهما.