اعلم أن الكتابة العروضية في البحور الشعرية كلها لا تخرج عن ثمانية من التفاعيل هي أساس الوزن:
فَعولن
مفاعيلُن
فاعلاتن
مُفاعَلَتُن
فاعلن
مُسْتَفْعلن
مُتَفاعِلن
مَفْعُولات
(تنبيه: يجعل البعض عدد التفاعيل عشرة، ولا أدخل في هذا التفصيل مراعاة للمطلوب في هذه الدروس).
ثم اعلم أن هذه التفاعيل تدخلها تغييرات محصورة تسمى زِحافاتٍ وعِللا، وسوف يأتي بيانها من خلال البحور الشعرية، ولا يحتاج المبتدئ إلى حفظ أسمائها وأنواعها.
أمثلة على هذه التغييرات:
فعولنْ قد تصبح فعولُ
ومفاعيلن قد تصبح مفاعِلن
وذلك وفق قواعد مسطورة، يأتي بيانها عند الكلام على كل بحر على حدة.
انظر إلى قول الشاعر مثلا:
أتوك يجرون الحديد كأنما *** سروا بجياد ما لهن قوائم
أتوْك يجررونَلْحديد كأننما *** سروْ بجيادنْ ما لهنن قوائمو
فعول مفاعيلن فعول مفاعلن *** فعول مفاعيلن فعول مفاعلن
هذا من بحر الطويل الذي أصله:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن *** فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
ولكن يدخل على تفعيلات هذا البحر من التغييرات ما يجعل البيت المذكور آنفا مقبولا في هذا البحر.
وقل نفس الشيء في البحور الأخرى كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
تتكون القصيدة العربية من أبيات.
وكل بيت شطران:
الشطر الأول يسمى صدرا، والشطر الثاني يسمى عَجُزا.
مثال:
قول الشاعر:
إذا ما خلوتَ الدهر يوما فلا تقل *** خلوتُ، ولكن قل عليَّ رقيبُ
الصدر هو: إذا ما خلوتَ الدهر يوما فلا تقل
والعجز هو: خلوتُ، ولكن قل عليَّ رقيبُ..
ثم إن آخر جزء من الصدر يسمى عَرُوضةً (أو عروضاً)، وآخر جزء من العجز يسمى ضَرْبا، وما سواهما يسمى حشوا.
مثال:
بانت سعادُ فقلبي اليوم متبول *** متيم إثرها لم يفد مكبولُ
من البحر البسيط: مستفعلن فاعلن أربع مرات.
بانت سعاد فقلْبِلْيَوم متبولُو *** متييَمن إثرها لم يفد مكبولو
بانت سعا / دفقلْـ / بليوم متْ / بولو **** متيْيَمن / إثرها / لم يفد مكْـ / بولو
مستفعلن / فعِلن / مستفعلن / فعْلن *** متَفعلن / فاعلن / مستفعلن / فعْلن
العروضة هي: ما لون بالأحمر
والضرب هو : ما لون بالأخضر.
والحشو ما لون بالليموني.
تدريب:
عرف العروضة والضرب والحشو في الأبيات التي تم تقطيعها في الدروس السابقة.
اعلم أن الأصل في الشعر أن يكون موافقا لقواعد اللغة العربية من نحو وصرف وغير ذلك.
ولذلك فعلى من يتصدى لنظم الشعر أن يكون له إلمام بتلك القواعد.
ومن الحوادث الطريفة في هذا الباب أن بعض الإخوة عرض على أحد شيوخنا قصيدة له ليعطيه رأيه فيها. فلما نظر شيخنا فيها، قال له: هل درست ألفية ابن مالك؟ فقال الطالب: لا.
قال: فلا تنظم الشعر حتى تدرس الألفية.
واعلم أنهم جوزوا الخروج على بعض تلك القواعد فيما يسمى ضرورة شعرية، وأشهر تلك الضرورات ما يلي:
1- صرف الممنوع من الصرف، كقول النابغة الذبياني (الكامل):
فلتأتينْك قصائدٌ وليركبنْ *** جيشٌ إليك قوادم الأكوار
فصرف لفظة (قصائد) لضرورة الوزن.
2- قصر الممدود، ومنه قول أستاذنا الشاعر محمد العوفير (الكامل):
هذا خيال لاح من أقصى السما *** في الغدر يرفل ضاحكا متبسما
فقصر (السما) مع أن أصلها ممدود (السماء)
3- إبدال همزة القطع وصلا كقول الشاعر (الطويل):
ومَنْ يصنعِ المعروفَ معْ غيرِ أهْلِه *** يلاقي الذي لاقى مُجيرُ امِّ عَامرِ
فوصل همزة (أم) مع أنها همزة قطع في الأصل
4- تسكين المتحرك، خاصة في ضمير الغائب والغائبة (هو وهي)، ومنه قول المتنبي (الطويل):
وقفتَ وما في الموت شك لواقف *** كأنك في جفن الردى وهْو نائمُ
5- إشباع الحركة حتى يتولد منها حرف مد، كقول المتنبي (الطويل):
وفتانة العينين قتالة الهوى *** إذا نفحت شيخا روائحُها شَبَّا
أشبع الفتحة من (شبَّ) حتى صارت (شبَّا).
وهذا كثير في الضمائر (همو)، (بهي)، (لهو) الخ.
واعلم أن الضرورات لا تنحصر بعدد معين، وقد ذكر النحويون منها عددا كبيرا في ثنايا كتبهم. والاعتماد – بعد تنظير النحويين – على تصرف الشعراء، لأن الضرورة قد تكون ثقيلة على السمع، ممجوجة في الطبع الشاعري، وإن أجازها أهل النحو.
وكلما كان الشعر أنقى من الضرورات، كلما كان أجمل وأسلس.
وينبغي هجر بعض الضرورات مطلقا، وإن ذكرها النحويون، ووجدت لها شواهد في أشعار العرب؛ وذلك مثل: مد المقصور، ومنع صرف المنصرف وفك الإدغام ونحوها.
والله أعلم.
هذا البحر أشهر البحور وأجزلها وأفخمها، وقد نُظمت فيه غرر القصائد العربية، كمعلقات امرئ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وطرفة بن العبد، وغيرها من عيون الشعر العربي.
مفتاح هذا البحر:
فَعولن مفاعيلن فَعولن مفاعيلن *** فَعولن مفاعيلن فَعولن مفاعيلن
وله عروض واحدة هي (مفاعلن)، ولها ثلاثة أضرب: (مفاعيلن)، و(مفاعلن)، و(فعولن).
1- مثال الأول:
قول المتنبي:
فحُب الجبان النفسَ أوردهُ البَقَا *** وحبُّ الشجاعِ النفسَ أوردَه الحَرْبا
فحب الـ / جبان النفـ / س أور / ده البقا *** وحب الشْـ / شجاع النفـ / س أور / ده الحربا
--ه-ه / --ه-ه-ه / --ه- / --ه--ه *** --ه-ه / --ه-ه-ه / --ه- / --ه-ه-ه
فعولن مفاعيلن فعول مفاعلن *** فَعولن مفاعيلن فَعول مفاعيلن
2- مثال الثاني:
قول امرئ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله *** عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
وليل / كموج البحـ / ر أرخى / سدوله *** عليَّ / بأنواع الـ / هموم / ليبتليْ
--ه-ه / --ه-ه-ه / --ه-ه / --ه--ه *** --ه- / --ه-ه-ه / --ه- / --ه--ه
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن *** فَعول مفاعيلن فَعول مفاعلن
3- مثال الثالث:
قول حافظ إبراهيم (على لسان العربية):
أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ *** فهل سألوا الغوّاص عن صَدفاتي
أنا البحْـ / رُ في أحشا / ئه الدرْ / رُ كامنٌ *** فهل سـ / ألوا الغوّا / ص عن صَـ / دفاتي
--ه-ه / --ه-ه-ه / --ه-ه / --ه--ه *** --ه- / --ه-ه-ه / --ه- / --ه-ه
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن *** فَعول مفاعيلن فَعول فعولن
تبين لك من خلال هذه الأمثلة، أن العروضة واحدة لا تتغير، وهي (مفاعلن)، وأما الضرب فأحد ثلاثة: (مفاعلن) أو (مفاعيلن) أو (فعولن).
تنبيه: مطلع قصيدة المتنبي التي أخذنا منها المثال الأول:
فديناك من رَبْع، وإن زِدْتنا كربا *** فإنك كنت الشرق للشمس والغَرْبا
فدينا/ ك من رَبْع / وإن زد / تنا كربا *** فإنـ / ك كنت الشر / ق للشمـ / س والغَرْبا
--ه-ه / --ه-ه-ه / --ه-ه / --ه-ه-ه *** --ه- / --ه-ه-ه / --ه-ه / --ه-ه-ه
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن *** فَعول مفاعيلن فَعولن مفاعيلن
فأنت ترى أن العروضة هنا (مفاعيلن)، لا (مفاعلن)؛ والسبب أن هذا البيت (مُصَرَّع)، والتصريع: تغيير العروض للإلحاق بالضرب، وهذا يكون عادة في مطالع القصائد.
بعد أن تكلمنا على العروض والضرب، بقي أن نعرف ما هي التغييرات الجائزة في الحشو؟
1- يجوز في الحشو حذف نون (فعولن) فتصير (فعول) (انظر الأمثلة السابقة).
2- وهذا الحذف مستحسن جدا في (فعولن) التي قبل الضرب الثالث (فعولن)، وإثبات النون فيها مكروه. (انظر المثال الثالث).
وخذ مثالا آخر:
ولا خير في من لا يوطن نفسه *** على نائبات الدهر حين تنوب
ولا خيـ/ ر في من لا / يوطـ / ن نفسه *** على نا / ئبات الدهـ / ر حين / تنوب
--ه-ه / --ه-ه-ه / --ه- / --ه--ه *** --ه-ه / --ه-ه-ه / --ه- / --ه-ه
فعولن مفاعيلن فعول مفاعلن *** فَعولن مفاعيلن فَعول فعولن
تأمل: أن التفعيل التي قبل الضرب هي (فعول) لا (فعولن)، وينبغي التزام ذلك في القصيدة كلها.
3- تنبه: يذكر البعض حذف ياء (مفاعيلن) في الحشو فتصير (مفاعلن)، لكنني أنصحك بالابتعاد عنه، وهو مهجور في قصائد الفحول.
الدرس السابع: البحر البسيط:
طريقة الترتيب التي أعتمدها هي ذكر البحور المشهورة أولا، لأن الطالب يحتاج إلى معرفتها قبل غيرها؛ ثم أثني بذكر البحور المغمورة التي يقل النظم فيها.
وقد ذكر المعري أن أكثر أشعار العرب من (الطويل والبسيط والكامل)، فينبغي الاعتناء بها قبل غيرها.
لذلك تركت البحر المديد – وهو قليل الاستعمال - وانتقلت إلى البسيط.
مفتاح هذا البحر:
مستفعلن فَاعلن مستفعلن فَاعلن *** مستفعلن فَاعلن مستفعلن فَاعلن
وله ثلاثة أعاريض واحدة تامة واثنتان مجزوءتان.
تنبيه: البيت المجزوء هو ما حذف منه التفعيلة الأخيرة في الصدر (أي: العروض) والتفعيلة الأخيرة في العجز (أي:الضرب).
التغييرات في الحشو:
أ- يجوز في الحشو حذف الألف من (فاعلن) فتصبح (فعِلن).
ب- ويجوز حذف السين من (مستفعلن) فتصبح (مُتَفْعِلن) (ويمكنك آنذاك تحويلها إلى (مَفَاعِلن)).
ت- ذكر العروضيون جواز حذف الفاء من (مستفعلن)، فتصير (مستعلن) فتقلب إلى (مفْتعلن). وله شواهد في الشعر، ولكنه قليل في تصرف الشعراء الفحول، فلا تترخص به في محاولاتك الشعرية.
1- العروضة الأولى: (فَعِلُن):
ولها ضربان: (فَعِلن) و(فَعْلن).
الضرب الأول: (فَعِلن)
مثال:
تسعون ألفا كآساد الشَّرى نضِجت *** جلودهم قبل نضج التين والعنب
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن *** متفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
(تركت التقطيع العروضي اختصارا، ولأنك الآن – أيها القارئ المجتهد – قد صرتَ تتقنه).
الضرب الثاني: (فَعْلن)
تنبيه: يشترط في هذا الضرب أن يوجد حرف لين قبل الروي (الروي هو الحرف الأخير في القافية).
مثال:
وإن صخرا لتأتمُّ الهداة به *** كأنه عَلَم في رأسه نار
متفعلن فاعلن مستفعلن فعلن *** متفعلن فعِلن مستفعلن فعْلن
تنبه إلى أمرين:
أولهما: أنني أكتب (متَفْعلن) لمراعاة أصل التفعيلة وهو: (مستفعلن). (ويمكنك تعويضها بـ: (مفاعلن) على طريقة العروضيين).
والثاني: انتبه إلى حرف اللين (الألف) قبل الروي (هنا: الراء).
مثال آخر:
إن الرسول لنور يستضاء به *** مهند من سيوف الله مسلول
مستفعلن فعِلن مستفعلن فعِلن *** متفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
الروي هو اللام، وحرف اللين قبله (الواو).
2- العروضة الثانية: مجزوءة: مستفعلن:
حذفت (فاعلن) من آخر الصدر والعجز، فصار البيت مجزوءاً هكذا:
مستفعلن فاعلن مستفعلن *** مستفعلن فاعلن مستفعلن
ولهذه العروضة ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: مستفعلن:
مثال:
أهكذا باطلا عاقبْتِني ... لا يرحم الله من لم يرحمِ
متفعلن فاعلن مستفعلن *** مستفعلن فاعلن مستفعلن
الضرب الثاني: مستفعلانْ:
مثال:
وأعْقَبَتْك التي أوْصلْتَها *** بالهجر لما رأت شيب القذالْ
متفعلن فاعلن مستفعلن *** مستفعلن فاعلن مستفعلانْ
لا تلتمس وصلة من مخلف **** ولا تكن طالبا ما لا ينال
مستفعلن فاعلن مستفعلن *** متفعلن فاعلن مستفعلانْ
يا صاح قد أخلفَت أسماء ما *** كانت تمنيك من حسن الوصال
مستفعلن فاعلن مستفعلن *** مستفعلن فاعلن مستفعلانْ
الضرب الثالث: مفعولن:
مثال:
سيروا معاً إنما ميعادكم *** يوم الثلاثا ببطن الوادي
مستفعلن فاعلن مستفعلن *** مستفعلن فاعلن مفعولن
3- العروضة الثالثة: مجزوءة: مفعولن:
ولها ضرب واحد مثلها: مفعولن.
مثال:
ما هيَّج الشوق من أطلالٍ *** أضْحتْ قِفارا كوَحْي الوَاحي
مستفعلن فاعلن مفعولن *** مستفعلن فاعلن مفعولن
فائدة:
يستعمل الشعراء هذه العروضة وضربها على وزن (فعولن) (بدلا من مفعولن)، فيصير الوزن هكذا:
مستفعلن فاعلن فعولن *** مستفعلن فاعلن فعولن
ويسمونه (مخلع البسيط)، وهو بحر رقيق وعذب.
مثال:
أشكو إلى الله من أمور *** تُمرّ دهري ولا تمرُّ
مستفعلن فاعلن فعولن *** متفعلن فاعلن فعولن
قتلتَ نفسا بغير نفس *** فكيف تنجو من العذاب
متفعلن فاعلن فعولن *** متفعلن فاعلن فعولن
ملخص البسيط:
- عروض تامة (فعِلن) ولها ضربان: (فعِلن) و (فعْلن).
- عروض مجزوءة (مستفعلن) ولها ثلاثة أضرب: (مستفعلن) و(مستفعلانْ) و(مفعولن).
- عروض مجزوءة (مفعولن) ولها ضرب واحد (مفعولن).
- مخلع البسيط: عروض مجزوءة (فعولن) وضرب مثلها.
الدرس الثامن: البحر الكامل:
هذا البحر مع كونه عذبا وسلسا، فهو سهل نسبيا، فإن اقترن بقافية سهلة كالنون مثلا ازدادت سهولته. لذلك فقد امتطاه جمع من أهل النظم، فنظموا فيه المطولات (منها مثلا: نونية ابن القيم، ونونية القحطاني، وما أشبههما).
مفتاح هذا البحر:
مُتَفاعلن مُتَفاعلن مُتَفاعلن *** مُتَفاعلن مُتَفاعلن مُتَفاعلن
للكامل ثلاث أعاريض: الأولى: تامة (متفاعلن)، والثانية: تامة (فَعِلن) (وهي منقولة عن (متَفا))، والثالثة: مجزوءة (متفاعلن).
التغييرات في الحشو:
- يجوز تسكين التاء من (متفاعلن) فتصبح (مُتْفاعلن)، فتقلب إلى (مسْتفعلن). وهذا التغيير يكون في الحشو، ويكون أيضا في العروض والضرب.
تنبيه: إذا وردت تفاعيل (الكامل) الستةُ كلها ساكنة الثاني، فإن البيت يمكن عده من الكامل أو من الرجز الذي مفتاحه (مستفعلن مستفعلن مستفعلن *** مستفعلن مستفعلن مستفعلن).
مثاله قول عنترة:
إني امرُؤٌ من خير عَبْسٍ منْصبي *** شطْري وأَحْمي سائري بالمنْصل
إني امرُؤٌ / من خير عَبْـ / سٍ منْصبي *** شطْري وأَحْـ / مي سائري / بالمنْصل
يصح أن تجعله من الكامل:
متْفاعلن متْفاعلن متْفاعلن *** متْفاعلن متْفاعلن متْفاعلن
أو من الرجز:
مسْتفعلن مسْتفعلن مسْتفعلن *** مسْتفعلن مسْتفعلن مسْتفعلن
لكنك إذا نظرت إلى بقية أبيات القصيدة علمت أنها من الكامل لا من الرجز.
- يجوز بِقِلَّة حذف التاء من (متفاعلن) فتصبح (مفاعلن). وسوف ترى أن هذا قليل في تصرف الشعراء.
1- العروض الأولى: تامة (متفاعلن):
ولها ثلاثة أضرب:
الأول: متفاعلن:
مثاله قول عنترة في معلقته:
ينبيك من شهد الوقيعة أنني *** أغشى الوغى وأعف عند المغنم
متْفاعلن مُتَفاعلن مُتَفاعلن *** مُتْفاعلن مُتَفاعلن مُتْفاعلن
الثاني: متفاعلْ:
مثاله قول التهامي في مرثيته المشهورة:
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
متَفاعلن مُتْفاعلن مُتَفاعلن *** مُتَفاعلن مُتْفاعلن مُتَفاعلْ
الثالث: فعْلن (أصلها متْفا):
مثاله قول الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه *** أن الوليد أحق بالعذر
متَفاعلن متَفاعلن متْفاعلن *** متْفاعلن متَفاعلن فعْلن
2- العروض الثانية: تامة (فَعِلن):
ولها ضربان:
الأول: فعِلن:
مثاله قول أبي العتاهية:
ما ضر أصحاب القليل وما *** أغنى من الأملاك ما ملكوا
متْفاعلن متْفاعلن فعِلن *** متْفاعلن متْفاعلن فعِلن
والثاني: فعْلن:
مثاله قول أبي العتاهية:
ولكل ذي عمل يدين به *** يوما على ديانه عرض
متَفاعلن متَفاعلن فعِلن *** متْفاعلن متْفاعلن فعْلن
3- العروض الثالثة: مجزوءة (متفاعلن):
لها أربعة أضرب:
الأول: متفاعلن:
مثاله قول أبي العتاهية:
يا هؤلاء تفكروا *** للموت يغذو من غَذا
متْفاعلن متَفاعلن *** متْفاعلن متْفاعلن
الثاني: متفاعلانْ:
مثاله قول أبي العتاهية:
يا ذا الهوى مَهْ لا تكنْ *** ممن تعَبَّدَه هواهْ
متْفاعلن متْفاعلن *** متْفاعلن متَفاعلانْ
الثالث: متفاعلاتن:
مثاله قول المتنبي:
أَحْبَبْتُ تَشْبيهاً لَهَا *** فَوَجَدْتُهُ ما ليسَ يُوجَدْ
متْفاعلن متْفاعلن *** متَفاعلن متْفاعلاتنْ
الرابع: متفاعلْ (فيقلب إلى: فعلاتن)
مثاله:
وإذا همو ذكروا الإسا *** ءة أكثروا الحسنات
متَفاعلن متَفاعلن *** متَفاعلن متَفاعلْ
رد مع اقتباس
عصام البشير
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كافة المشاركات المكتوبة بواسطة عصام البشير
#39
قديم 31-07-05, 10:27 PM
عصام البشير عصام البشير غير متواجد حالياً
مشرف منتدى اللغة العربية
الدرس التاسع: البحر الوافر:
وهذا البحر أيضا كثير الاستعمال. ومفتاحه:
مفاعَلَتُن مفاعَلَتُن مفاعَلَتُن *** مفاعَلَتُن مفاعَلَتُن مفاعَلَتُن
التغييرات في الحشو:
- يجوز تسكين اللام من (مفاعلتن) فتصبح: (مفاعلْتُن)، فتقلب إلى (مفاعيلن). وهو كثير ومستحسن، ويجوز حتى في العروض المجزوءة.
- وغيرُ هذا التغيير قبيح.
للوافر عروضتان، وثلاثة أضرب:
العروضة الأولى: مفاعلْ (تقلب إلى فعولن):
ولها ضرب واحد مثلها (فعولن).
مثاله:
وما نيلُ الْمَطالب بالتَّمني *** ولكنْ تؤخذ الدنيا غِلابا
مفاعَلْتن مفاعَلَتن فعولن *** مفاعَلْتن مفاعَلْتن فعولن
(تنبيه: مفاعلْتن = مفاعيلن).
العروضة الثانية: مجزوءة (مفاعلتن):
ولها ضربان:
الأول: مفاعلَتن:مثاله:
وما الدنيا بباقية *** ستنـزح ثم تنتـسف
مفاعلْتن مفاعلَتن *** مفاعلَتن مفاعلَتن
مثال آخر من نفس القصيدة:
فنون رداك يا دنيا *** لعمري فوق ما أصف
مفاعلَتن مفاعلْتن *** مفاعلْتن مفاعلَتن
(تنبيه: لاحظ أن العروضة دخلها التغيير بإسكان اللام (مفاعلْتن) وهذا جائز كما سبق).
والثاني: مفاعيلن:
مثاله:
أعاتبها وآمرها *** فتُغضبني وتعصيني
مفاعلَتن مفاعلَتن *** مفاعلَتن مفاعلْتن .
الدرس العاشر: بحر الرجز
هذا البحر أيسرُ البحور وأسهلها، لذلك سموه (حمار الشعراء)، واعتمد عليه العلماء، فنظموا فيه المتون العلمية الطويلة في فنون شتى.
ولذلك، فإن معرفة هذا البحر وضبط قواعد النظم فيه، من أهم ما يحتاج إليه طلبة العلم الشرعي.
مفتاحه:
مُسْتفعلن مستفعلن مستفعلن *** مستفعلن مستفعلن مستفعلن
التغييرات في الحشو:
- يجوز في حشو الرجز حذف السين من (مستفعلن) فتصبح (متَفْعلن) فتقلب إلى (مفاعلن).
- ويجوز حذف الفاء من (مستفعلن) فتصبح (مسْتَعِلن) فتقلب إلى (مفتعلن).
- ويجوز الجمع بينهما فتصبح (متَعلن) فتقلب إلى (فَعِلتُن). لكنه غير مستحسن، ويصار إليه عند الاضطرار.
وهذه التغييرات تجوز كذلك في العروض والضرب متى أمكن ذلك.
للرجز – على المشهور - أربع أعاريض وخمسة أضرب:
العروض الأولى: مستفعلن:
ولها ضربان:
الأول: مستفعلن
ومثاله:
دارٌ لسَلمى إذ سُلَيْمى جارةٌ *** قَفْرَا تُرى آياتُها مثلَ الزُّبـُر
دارٌ لسَلـ / مى إذ سُلَيْـ / مى جارةٌ *** قَفْرَا تُرى / آياتُها / مثلَ الزُّبـُر
مُسْتفعلن مستفعلن مستفعلن *** مستفعلن مستفعلن مستفعلن
ومثاله قول الراجز رؤبة بن العجاج:
لله درُّ الغانياتِ الـمُـدَّهِ *** سبَّحن واسترجعن من تألُّـهي
مستفعلن مستفعلن مستفعلن *** مستفعلن مستفعلن متَفعلن
ومثاله أيضا قول ابن الونان:
مهْلاً على رِسْلك حادي الأَيْنُقِ *** ولا تُكَلِّفْها بما لم تُطقِ
مهْلنْ على / رِسْلكَ حا / دِلْأَيْنُقي *** ولا تُكَلْـ / لِفْها بما / لم تُطقِي
مستفعلن مسْتعلن مستفعلن *** متفعلن مستفعلن مسْتَعلن
والثاني: مستفعلْ (=مفعولن)
مثاله:
القلبُ منها مستريحٌ سالم *** والقلب مني جاهد مجهود
القلبُ منـ / ها مستريـ / حٌ سالم *** والقلب منـ / ني جاهد / مجهود
مستفعلن مسْتفعلن مستفعلن *** مستفعلن مستفعلن مستفعلْ
العروض الثانية: مجزوءة مستفعلن:
وضربها مثلها:
مثاله قول عمر بن أبي ربيعة:
فيهنَّ هندُ لَـيْـتني *** ما عُمّرت أعمّرُ
فيهنَّ هنـ / دُ لَـيْـتني *** ما عُمّرتْ / أعمّـرُ
مستفعلن متفعلن *** مستفعلن متفعلن
وتمامها:
حتَّى إذا ما جاءها *** حتْفٌ أتانـيْ القدَرُ
مستفعلن مستفعلن *** مستفعلن مسْتعلن
العروض الثالثة: مشطورة مستفعلن
ومعنى كون البيت مشطورا أنه لا يبقى من تفاعيله الست إلا ثلاث:
مثاله:
الشعر صعب وطويل سلمهْ
الشعْـر صعْـ / بٌ وطويـ / لٌ سُلَّـمُـهْ
مستفعلن مسْتَعلن مستفعلن
ومثاله أيضا:
ما هاج أحزاناً وشجْواً قد شَجا
ما هاج أحـ / زانا وشجـ / وا قد شجا
مستفعلن مستفعلن مستفعلن
العروض الرابعة: منهوكة مستفعلن
ومعنى كون البيت منهوكا أنه لا يبقى من تفاعيله الست إلا اثنتان:
مثاله قول أبي العتاهية:
الحمد والنعمة لكْ (مستفعلن مستعلن)
والملك لا شريك لك (مستفعلن متفعلن)
لبيك إن الملك لك (مستفعلن مستفعلن) .
فائدة عظيمة النفع في بحر الرجز:
كثر في نظم الشعراء المحدثين – خاصة أهل المنظومات العلمية - تغيير قافية كل بيت من أبيات الرجز، مع التصريع (أي التطابق بين العروض والضرب).
ثم إن العروض والضرب لهما حالات (الأمثلة التي بين قوسين من ألفية ابن مالك):
- فقد يكونان تامين معا (مستفعلن) (تقرب الأقصى بلفظ موجز *** وتبسط البذل بوعد منجز)
- وقد يكونان كلاهما على وزن: مفتعلن. (ومعرب الأسماء ما قدْ سلما *** من شبه الحرف كأرضٍ وسُمَا)
- وقد يكونان كلاهما على وزن: مفاعلن (قال محمد هو ابن مالك *** أحمد ربي الله خير مالك)
- وقد يكونان كلاهما على وزن: فعلتن (ومثلُ كادَ في الأصحِّ كَرَبا *** وتركُ أنْ معْ ذي الشروعِ وَجَبا)
- وقد يجمع الشطران بين وزنين مختلفين من هذه الأوزان: مستفعلن، مفتعلن، مفاعلن، فعلتن.
(مصليا على النبيِّ المصطفى *** وآله المستكملين الشرَفا) (عروض = مستفعلن؛ ضرب = مفتعلن)
(سواهما الحرف كهل وفي ولم *** فعل مضارع يلي لم كيشمْ) (عروض = مفاعلن، مفتعلن)
... الخ.
- وقد يكونان كلاهما على وزن مستفعلْ (= مفعولن) (وأستعين الله في ألفية *** مقاصد النحو بها محويَّة)
- وقد يكونان كلاهما على وزن متفعلْ (= فعولن) (وتقتضي رضا بغير سخط *** فائقة ألفية ابن معطي)
- وقد يجمع الشطران بين هذين الوزنين: (مستفعلْ و متفعلْ) (وهْو بسبق حائز تفضيلا *** مستوجب ثنائيَ الجميلا)
وأفضل ما تعرف به قواعدهم في ذلك، أن تتمرن على تقطيع المنظومات العلمية المشهود لها بالتقدم في صناعة النظم.