عد السيميائية من المصطلحات التي استخدمت في مجالات علمية متعددة منذ وقت مبكر ، وتعرض هذه الورقة تعريفاً لهذا المصطلح ونبذة تأريخية عن استعمالاته المختلفة باختلاف مستويات الدراسة السيميائية وتركز الورقة على علاقة السيميائية باللغة وأهمية هذه العلاقة وبعض استخدامات السيمياء الشهيرة مثل كشف الكذب ثم نتناول مصطلحات هذا العلم المتعددة مثل :العلامة والمحايثة والدلالة والمعنى والتداولية ، كما نتحدث عن أصل الكلمة اللغوي عند العرب وغيرهم ثم نشرح الهدف الذي تسعى إليه السيميائية وعلاقاتها باللسانيات وتورد عدداً من الأعلام الذين خاضوا في الدراسات ذات العلاقة ومارسوا التحليل السيميائي.
إن مناقشتي لهذه الموضوعات عكست اهتماما عالميا بقيمة العلامة ودراستها دراسة علمية .وهذه الحركة العلمية كان لها وجود فاعل في كل الحضارات ؛غير أني اهتممت في هذه الورقة بإسهامات الحضارة العربية الإسلامية في هذا المجال ،دون إهمال للعطاء العلمي المعاصر ، الذي تنوعت اتجاهاته ومدارسه ،وتكاثر المشاركون فيه من بين الغربيين والعرب المعاصرين أمثال دي سوسير وبيرس وكريستيفا وجميل حمداوي ومازن الوعر وعادل فاخوري وغيرهم .ويجب ألا ننسى بكل فخر واعتداد :ابن سينا وابن خلدون والجاحظ وعبد القاهر وعلماء الأصول والبيان العرب الذين جاءت جهودهم ،مصابيح هدى تضيء سبيل كل من سلك دروب هذا العلم.
المقدمة
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم ‘وجعل الكون كتابا مفتوحا للمتأملين والمتدبرين ،ودعا المؤمنين إلى التبصر والتدبر والتفكر في آياته التي لا يحدها حد ولا يحصرها عدد .فهو سبحانه في كل شيء له آية .والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله مدينة العلم ورسول الهداية وقائد الغر المحجلين "سيماهم في وجوههم من اثر السجود " الآية 29 سورة الفتح ) .وعلى آله وصحبه وسائط المعرفة ،وأوعية العلم الذين سمعوا فوعوا ورأوا فوصفوا وسئلوا فأجابوا ولم يكتموا .فرضوان الله عليهم أجمعين .
أما بعد فهذه دراسة لموضوع قديم حديث ؛قديم في تجاربه واحتكاكه بالكون والطبيعة ونظر العلماء في أطرافه الواسعة المتنوعة .ولكنه مستحدث في اصطلاحاته العديدة ‘وتنوع مجالاته واتساع ميادينه .إنه حقل علمي واسع متنوع هدفه :إدراك العلاقات بين العلامات .ومن أجل ذلك يستند إلى علوم مختلفة ؛ من الطبيعة إلى السحر إلى الكيمياء إلى الفلسفة وعلم النفس والرباضيات والعلوم اللسانية .ولذا يرى البعض أنه لم يستقر بعد علما خاصا له أدواته المعرفية وأجهزته المميزة
وبالرغم من أن الكثيرين قد حاولوا جادين تقريب مفاهيم هذا العلم (السيميائية ) إلى الأذهان إلا أنه لا يزال يعاني عدم التمكن من الأداة المعرفية التي يقدم بها مسائله .وكذلك يشكو كثير ممن ولج أبوابه من اختلاف مصطلحاته وتعددها لدرجة تؤدي إلى تعدد خطابه .ومع ذلك فإن هذا لا يمنعنا من القول إن أوسع فضاء للسيميائية هو بلا شك : حقل اللغة والأدب .
إن هذه الدراسة جاءت لتحقيق هدفين :الأول هو استكناه هذا الحقل الموحي بالغموض والغرابة والثاني هو : اكتناه التراث على ضوء مستجدات العصر
إن الألسنية العربية هي من أوائل العلوم التي نضجت في الحضارة العربية واستفادت منها الألسنية الغربية المعاصرة . وليس كما يظن البعض إن النقد العربي الحديث والمعاصر قد عرف المنهج السيميائي نتيجة الاحتكاك مع الغرب .
ترتبط السيميائية المعاصرة ارتباطا وثيقا بالنموذج اللساني البنيوي المعاصر الذي أرسى دعائمه اللغوي المشهور :السويسري دي سوسيرالذي جعل من اللسانيات علما شاملا تستفيد منه المعارف الأخرى كالنقد الأدبي والأسلوبية والتحليل النفسي وعلم الاجتماع .فقد وجدت السيميائية –بوصفها علما حديثا –في المبحث اللساني مرتكزا تقوم عليه ،وتستقي منه تقنيات وآليات ومفاهيم تحليلية .خاصة سيمياء الدلالة التي تلجاإلى تطبيق الثنائيات السيميائية على موضوعات غير لغوية ولكنها ذات طبيعة اجتماعية كالألبسة والأطعمة والموروثات الثقافية ومن أهم هذه الثنائيات :اللسان والكلام ،الدال والمدلول ،المركب والنظام ،التقرير والإيحاء
للسيميائية إذن تفاعلات كثيرة مع علوم أخرى ،ولنها ترتبط منهجيا بدراسة الأدب والفنون اللفظية والبصرية كالموسيقى والتشكيل والمسرح والسينما .
وفي علاقة السيميائية باللسانيات :قولان :الأول هو رأي دي سوسير ويقول إن اللسانيات أخص من السيميائية لأن اللسانيات جزء من السيميائية عنده .والثاني هو رأي رولان بارت القاضي بأن السيميائية جزء من اللسانيات وفرع عنها .فدي سوسير يرى أن السيميائية هي الحقل الأوسع الذي يشمل –فيما يشمل –اللسانيات ,بينما يرى رولان بارت أن كثيرا من العلامات البصرية والأنساق غير اللفظية تستعين بالأنظمة اللغوية ،مما يجعل الأخيرة هي الأصل .
إن تعدد مصطلحات السيميائية من باحث إلى آخر لا ينفي حقيقة كون هذه المصطلحات دالة في عمومها على فكرة واحدة هي النظر إلى العلامة بوصفها إشارة تدل على أكثر من معنى .وهي كذلك تتفق على النظر إلى أنظمة العلامات بوصفها أنظمة رامزة ودالة وهو نظر قديم في الحضارات كلها تقريبا ،الصينية واليونانية والرومانية والعربية .وإن بقي أكثر ذلك النظر أسير التجارب الذاتية وبعيدا عن الموضوعية .حتى جاء القرن العشرين حين تمكن العلماء من إبراز النظريات وتأطيرها وتحديد الاتجاهات المتباينة ‘بحيث تعد الدراسة السيميائية ثمرة من ثمار القرن العشرين .فقد ظهر الشكل الواضح المعالم مع اللغوي دي سوسير ومعاصره تشارلز سندرس بيرس .
وقد وجدت اثناء قراءاتي في هذا المجال أنه قد كان للعرب المسلمين نصيب الأسد من الدراسات المعمقة التي أفاد منها رواد السيميائية المعاصرون لدرجة رأى معها البعض أن المعاصرين قد نظروا في معطيات التراث العربي ونقلوا عنه كثيرا .ابتداء من الاسم الذي أطلق على هذا العلم ؛مبررين ذلك بالتشابه الواضح بين اللفظتين :السيميائية وsemiogy
مرورا بالكثير من مقولاتهم وآرائهم في العلامة والدلالة والتأويل وغير ذلك .
تشتمل هذه الورقة على تلخيص ومقدمة ثم تناقش الموضوعات التالية :
1- تعريف المصطلح :
أ- في القديم.
ب- في العصرالحديث.
2- جهود العرب في هذا المجال.
3- هدف السيميائية وأصولها الفلسفية.
4- مباديء السيميائية.
5- المدارس والاتجاهات.
6- السيمياء واللسانيات العربية المعاصرة.
7- أعلام الغربيين.
8- السيميائية واللغة.
9- استخدامات السيميائية.
10- المصطلحات السائدة :
أ- العلامة.
ب- المحايثة.
ج- المعنى.
د- الدلالة.
هـ- التداولية وعلاقتها بالسيميائية :
12- الخاتمة ونتائج الورق
1- تعريف المصطلح وتاريخه :
أ- في القديم :
اقترن مصطلح السيمياء في حركة التأليف المبكرة عند العرب بعدد من العلماء . منهم جابر بن حيان ( 200ه ـ 815م ) الذي كان عظيم الثقة بنفسه وبعلمه ولكن لم تساعده أدوات ذلك العصر الباكر على تحقيق ما كان يفكر فيه من خيال علمي طموح . ومن تلك الأفكار في ذلك الزمان فكرة تحويل المعادن الخسيسة إلي معادن ثمينة . ولما لم يستطع تحقيق بعض ذلك الطموح ، تحول علم الكيمياء عنده إلي ما عرف بعلم ( السيمياء ) . وقد كان مفهوم هذا العلم في ذلك الوقت قريباً من السحر . يقول صاحب كتاب أبجد العلوم : " السيمياء هي اسم لما هو غير حقيقي من السحر ...وسيمياء لفظ عبراني معرب أصله (سيم به ) " (1) وذكر إضافة إلي جابر بن حيان أسماء علماء آخرين منهم ابن سينا والسهر وردي وابن خلدون والحلاّج وكمال الدين بن يونس .
و جاء في كتاب :كشاف اصطلاحات الفنون ، أن السيمياء هي : علم تسخير الجن . . . بعض أنصاف العلماء أدخلوا تحت السيمياء علوماً عدة منها علم أسرار الحروف وهو تفا ريـع السيمياء ، ولا يوقف علي موضوعه ، ولا تحاط بالعدد مسائله ." (2) ولكن ماذا تقول المعاجم العربية ؟
جاء في إحدى هذه المعجمات : " السومة والسيماء والسيمياء : العلامة ،
وسوم الفرس :جعل عليه السيمة وقوله عز وجل : حجارة مسومة عند ربك للمسرفين ؛ قال الزجاج : روى الحسن أنها معلمة ببياض وحمرة ،وقال غيره :مسومة بعلامة يعلم بها أنها ليست من حجارة الدنيا ويعلم بسيماها أنها مما عذب الله بها ؛ الجوهري : السومة بالضم العلامة ،تجعل على الشاة وفي الحرب أيضا ، تقول منه تسوم . قال أبوبكر : قولهم عليه سيما حسنة معناه علامة ... والخيل المسومة هي التي عليها السمة والسومة وهي العلامة . وقال ابن الأعرابي : السيم العلامات على صوف الغنم .وقال تعالى : من الملائكة مسومين ؛ قرئ بفتح الواو ،أراد معلمين ...وفي حديث الخوارج :سيماهم التحليق أي علامتهم ،والأصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين وتمد وتقصر ، وقد يجئ السيماء والسيمياء ممدودين ..." (3)
أما المعاجم الأجنبية فقد فرّقت بين مصطلحين : الكيمياء وهي العلم المعـروف Chemistry) ) وعلم أخر ( Alchemy )وهو يرمز إلي ما كان يسمي عند العرب بعلــم السيمياء وهو علم كيمياء القرون الوسطي . وربما سموه (الخيمياء ) لقرب اللفظتين لفظاً ومعني . (4) و يمكننا أن نقول أنها تحريف للفظ العربي السيمياء ، خاصة لاحتفاظها ب( أل ) التعريف التي لازمت المصطلح دلالة علي أصوله العربية . ويرى بعض العلماء أن لفظ السيمياء هو أحد المعربات الثلاثة السيمولوجيا والسيولتيك والسيميائية للفظ يوناني هو ( السيميو طيقا) من كلمة
( السيميولوجيا ) وتعني العلامة . ويعرفه بأنه :" علم يدرس العلامة ومنظوماتها ( أي اللغات الطبيعية والاصطناعية ) كما يدرس الخصائص التي تمتاز بها علاقة العلامة بمدلولاتها . " (5) أي تدرس علاقات العلامات والقواعد التي تربطها أيضاً
وهذا التعريف يدخل تحته عدد من العلوم مثل الجبر والمنطق والعروض . والرياضيات ... وهذا شبيه بما صنع العرب حين خلطوا السيمياء بالسحر .
ب : العصر الحديث :-
يقر الكثيرون أن تعريف هذا المصطلح ليس بالأمر الهين لسببين :
الأول هو تعدد وجهات النظر، والثاني :هو الحداثة . فهم يرون أن : (أية محاولة للتعريف ،لابد لها أن تصطدم بتعدد وجهات النظر في تحديد هوية هذا الحقل المعرفي تحديدا قارا .خصوصا إذا أدركنا الحيز الزمني الذي يستغرقه وهو حيز قصير ". (6) ويقول آخر معبرا عن ذات الصعوبات :" إن القارئ العادي ،وكذلك الباحث في مجال البحوث الاجتماعية من حقهما أن يتساءلا عن موضوع هذا العلم ،إلا أنهما مع ذلك يجب أن يعلما –على الأقل –أن التعريفات والتحديدات ،تختلف ولا سيما إذا تعلق الأمر بموضوع علمي لم يمر على ميلاده وقت طويل " (7) و لكن هذا لم يمنع العلماء من المحاولة إذ يعرفها بيارغيرو بأنها :" العلم الذي يهتم بدراسة أنظمة العلامات : اللغات ، وأنظمة والإشارات والتعليمات ..." (Cool وهذا التحديد يدخل اللغة تحت مفهوم السيميوطيقا . وهو الفهم الجديد لعلم السيمياء الذي يعـود الفضل فيه إلي العالم الشهير فيردنا ند دي سوسير الذي يقول عن السيمياء في كتابه؛ محاضرات في علــم اللغة :"أنها العلم الذي يدرس حياة العلامات من داخل الحياة الاجتماعية ونستطيع –إذن –أن نتصور علما يدرس حياة الرموز والدلالات المتداولة في الوسط المجتمعي ،وهذا العلم يشكل جزء من علم النفس العام .ونطلق عليه مصطلح علم الدلالة (السيميولوجيا )وهو علم يفيدنا موضوعه الجهة التي تقتنص بها الدلالات والمعاني .وما دام هذا العلم لم يوجد بعد فلا نستطيع أن نتنبأ بمصيره ،غير أننا نصرح بأن له الحق في الوجود . وقد تحدد موضوعه بصفة قبلية .وليس علم اللسان إلا جزء من هذا العلم العام وسيبين لنا هذا العلم ما هو مضمون الإشارات ،وأي قوانين تتحكم فيها ." (9) إن دي سوسير كما نرى قد تصور وجود هذا العلم وبين اشتقاقه وأصله ، كما حدد موضوعه ، و نادى بحقه في الوجود ووصف علاقة هذا العلم الآتي الذي لم يكن قد ولد بعد، بكل من علم النفس الذي هو الأصل الذي ينتمي إليه العلم المبشر به ،وبين علم اللسان الذي سيكون جزء منه . كما بين وظيفته وأهميته في بيان مدلولات الإشارات ومعرفة قوانينها التي تحكمها .
إن دي سوسير كان يرى أن اللسان نسق من العلامات التي تعبر عن المعنى ،وهو ما يمكن أن يقارن بلغة ا لصم والبكم والطقوس الرمزية الأخرى دينية كانت أم ثقافية مادامت وسط المجتمع .
وقد تزامن هذا التبشير مع ما كان يقوله عالم آخر هو بيرس (1839-1914) من أن النشاط البشري بمجمله نشاط سيميائي .وبطبيعة الحال فإن النشاط اللساني هو نشاط سيميائي لأنه جزء من النشاط البشري .يقول بيرس عن نفسه :" إنني وحسب علمي الرائد أو بالأحرى أول من ارتاد هذا الموضوع المتمثل في تفسير وكشف ما سميته السيميوطيقا أي نظرية الطبيعة الجوهرية والأصناف الأساسية لأي سيميوزيس محتمل .إن هذه السيميوطيقا التي يطلق عليها في موضع آخر المنطق تعرض نفسها كنظرية للدلائل وهذا ما يربطها بمفهوم السيميوزيس
الذي يعد على نحو دقيق الخاصية المكونة للدلائل " (10)
أما مارتينيه فيعرفها قائلا :"السيميولوجيا :دراسة جميع السلوكيات والأنظمة التواصلية "
ونلحظ هنا بوضوح اختلاف العلماء في استعمال مصطلحين يطلقان على هذا العلم :السيميوطيقا ،والسيميولوجيا .وهذا الاختلاف البراجماتي لا ينفي القرب الشديد بين المصطلحين ،بل وترادفهما ."فالسيميولوجيا إذن مرادفة للسيميوطيقا ،وموضوعهما دراسة أنظمة العلامات أيا كان مصدرها لغويا أو سننيا أو مؤشريا " (11) فلم تعد ثمة أسباب أو مبررات تجعل أحد المصطلحين يحظى بالسيادة دون الآخر . بينما يرى آخرون أنه يمكن تخصيص مصطلح السيميولوجيا بالتصور النظري ،ومصطلح السيويوطيقا بالجانب الإجرائي التحليلي فتكون السيميولوجيا نظرية عامة والسيميوطيقا منهج تحليلي نقدي تطبيقي .ولهذا يستخدم المصطلح الثاني في عنونة المؤلفات التطبيقية وممن فعل ذلك غريماس ووموبسان وميشيل وكوكيه.
فقد دعا دى سوسير إلي الاهتمام بالعلامة لمنطلقات لغوية وإلي ما سماه بعلم السيمولوجيا أو علم منظومات العلامات ، من خلال مفهومه للغة بوصفها منظومة من العلامات تعبر عن فكر ما مع تركيز دائم على العلاقات التي تربط بين الوحدات والعناصر اللغوية كما قرر دي سوسير اعتباطية العلامة اللغوية بينما تقول السيميائية باعتباطية العلامة مما يمنح الدوال مدلولات لا نهائية . (12) وهكذا تلتقي السيميائية واللسانيات في القول باعتباطية الدليل اللساني .وإن رأى البعض أن هذه العلاقة ينبغي وصفها بأنها ضرورية وليست اعتباطية . (13) والدال هو تلك الصورة الصوتية ،والمدلول هو ما تثيره تلك الصورة في ذهن المتلقي . وهكذا فقد تطورت السيميائية في القرن العشرين وأصبحت حقلاً معرفياً مستقلاً ، قرب المجالات المعرفية التي كانت متباعدة ومعزول بعضها عن بعضها وأعاد تماسكها .وقد حاولت بعض الأقلام الحديثة العودة بمفهوم السيمياء إلي الأصل الذي انبثقت عنه ومن هؤلاء د. محمد صلاح الدين الكواكبى الذي ألف كتاب السيمياء الحديثة . ولكن هذه المحاولات لم تفلح لأن مصطلح السيمياء كان قد اكتسب دلالة جديدة جعلته يخرج من سياق الكيميائية إلي سياق اللسانيات . فأصبحت بذلك نشاطا فكريا يسعى إلى تعزيز مقولاته تعزيزا ألسنيا وإلى إنتاج معرفة جمالية تتخذ من الدرس اللساني دعامة .
2- جهود العرب في هذا المجال :
عرف العرب هذا العلم ومارسوه في حياتهم ،وذلك قبل أن تقعد له القواعد وتوضع له الأصول .ومن ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه للصحابة رضوان الله عليهم ،حين عهد لعمر بالخلافة : " فكلكم ورم أنفه . " (14) أي اغتاظ وذلك يعد لغة إ شارية تحكي الواقع بصدق ويقين .
وفي مجال الدراسات العلمية الجادة قدم الجاحظ دليلا باهرا على عبقريته المشهود بها .وهو يرفد الدراسات العلمية ببحث سيميائي مميز نلخص ملامحه فيما يلي :
1- تعريفه البيان بأنه :" اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى . أي كل ما أوصل السامع إلى المعنى المراد، .يستوي في ذلك كل أجناس الأدلة،فبأي شيء بلغت الأفهام ووضحت المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضع ". (15)
2- تعداده العلامات والإشارات التي تدل على المعنى وهي خمسة أشياء :اللفظ والإشارة والعقد والخط والحال .
3- تفصيله الإشارات الناقلة للمعاني وشرحه لكيفيتها ،وتطورها ،وتحديده للمواقف الاجتماعية التي تستدعي التعبير بالإشارة كالرغبة في ستر بعض الأمور وإخفائها عن الحاضرين .
كذلك نجد ابن قتيبة قد أورد في كتاب : العلم والبيان الوسائل غير اللفظية وهي الاستدلال بالعين ،والإشارة والنصبة . وهي الحال الناطقة بغير لفظ ،والمشيرة بغير يد مثل قول الفضل بن عيسى بن أبان :"سل الأرض فقل :من شق أنهارك ؟وغرس أشجارك ؟وجنى ثمارك ؟فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا " (16) وقد بلغت السيميائية عندهم حدا من الرقي سمح لها بأن تجعل لكل موقف الإشارات التي تخصه مما يقوم مقام اللفظ .ومن ذلك مواقف العشق والغرام لها علاماتها التي "لهج بها الشعراء والأدباء وتناولها الناس ...ومن علاماتها التي سجلها ابن عبد ربه : (17)
وللحب آيات إذا هي صرحت تبدت علامات لها غرر صفر
فباطنه سقم وظاهره جوى وأوله ذكر وآخره فكر
ومن علاماته الأخرى :لجلجة اللسان والحصر والعي والدموع .ولابن القيم كتاب سماه :روضة المحبين ونزهة المشتاقين . عقد فيه بابا عنوانه :في علامات المحبة وشواهدها .
من الميادين الأخرى :معرف، الكاذب من المنافق بعلامات كثيرة، الصوت وإيقاع الكلام .قال تعالى:"فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول " (18) وقال الأصفهاني مدللا على أن نغمة الصوت تختلف تبعا للمقاصد والأغراض " ...فاختلاف الألسنة إشارة إلى اختلاف اللغات وإلى اختلاف النغمات ،فإن لكل إنسان نغمة مخصوصة يميزها السمع كما أن له صورة مخصوصة يميزها البصر ." . (19)
وهكذا فإن مصطلح السيمياء بالمعنى اللغوي المقابل للعلامات،معروف عند العرب ويشهد له قوله تعالى :ومنه شجر فيه تسيمون " (20) فقد قال المفسرون :السيماء والسيمياء :العلامة (21) . وقال الشاعر :
غلام رماه الله بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر.
كأن الثريا علقت فوق نحره وفي جيده الشعرى وفي وجهه القمر
هذا للمد أما القصر فمنه قول الشاعر :
ولهم سيما إذا تبصرهم بينت ريبة من كان قد سأل (22)
وقد تحدث كل من الغزالي وابن سينا عن اللفظ بوصفه رمزا وعن المعنى بوصفه مدلولا .ولابن سينا مخطوطة عنوانها :كتاب الدر النظيم في أحوال علوم التعليم ,ورد فيها فصل تحت عنوان :علم السيمياء يقول فيه :"علم السيمياء يقصد فيه كيفية تمزيج القوى التي هي جواهر العالم الأرضي ليحدث لها قوة يصدر عنها فعل غريب ،وهو أيضا أنواع فمنه ما هو مرتب على الحيل الروحانية والآلات المصنوعة على ضرورة عدم الخلاء ومنها ماهو مرتب على خفة اليد وسرعة الحركة ،والأول من هذه الأنواع هو السيمياء بالحقيقة والثاني من فروع الهندسة ... " (23) "
أما ابن خلدون فقد خصص فصلا في مقدمته لعلم أسرار الحروف ويقول عنه : " المسمى بالسيمياء نقل وضعه من الطلسمات إليه في اصطلاح أهل التصرف من غلاة المتصوفة ،فاستعمل استعمال في الخاص وظهر عند غلاة المتصوفة عند جنوحهم إلى كشف حجاب الحس ،وظهور الخوارق على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر وتدوين الكتب والاصطلاحات ومزاعمهم في تنزيل الوجود عن الواحد ...فحدث بذلك علم أسرار الحروف وهو من تفاريع السيمياء لا يوقف على موضوعه ولا تحاط بالعدد مسائله ،وتعدد ت فيه تآليف البوني وابن العربي ،ومن فروع السيمياء عندهم استخراج الأجوبة من الأسئلة بارتباطات بين الكلمات حرفية يوهمون أنها أصل في المعرفة ..." (24)
وبالرغم من غموض بعض ما جاء في هذه النصوص ،إلا أنه يكفينا منها أنها دليل ساطع على ريادة علماء العربية –قبل دي سوسير بقرون طويلة –وتفصيلهم له بدقة تحدد أنواعه المختلفة ،وتبين ارتباطاته بعلوم أخرى مثل الهندسة والطب والفلك والتصوف والسحر والطلاسم .
وهكذا نجد أن السيمياء موجودة في علوم المناظرة والأصول والتفسير والنقد ،فضلا عن ارتباطها الوثيق بعلم الدلالة الذي كان يتناول اللفظة وأثرها النفسي كذلك ،وهو ما يسمى بالصورة الذهنية والأمر الخارجي عند المحدثين . فالواقع يقول أن :"المساهمة التي قدمها المناطقة والأصوليون والبلاغيون العرب مساهمة مهمة في علم الدلالة انطلاقا من المفاهيم اليونانية ،وقد كانت محصورة ضمن إطار الدلالة اللفظية ،وتوصل العرب إلى تعميم مجال أبحاث الدلالة على كل أصناف العلامات ،ومن الواضح أنهم اعتمدوا اللفظية نموذجا أساسيا .كذلك فأقسام الدلالة عند العرب قريبة من تقسيم بيرس ، وتبقى أبحاثهم التي تتناول تعيين نوعية دلالة الألفاظ المركبة أو بوجه عام العلامات المركبة وتحليل الدلالة المؤلفة من تسلسل عدة توابع دلالية مدخلا جديدا ذا منفعة قصوى للسيمياء المعاصرة ." (25)
3- هدف السيميائية وأصولها الفلسفية :
تسعى السيميائية إلي تحويل العلوم الإنسانية ( خصوصاً اللغة والأدب والفن ) من مجرد تأملات وانطباعات إلي علوم بالمعنى الدقيق للكلمة . ويتم لها ذلك عند التوصل إلي مستوى من التجرد يسهل معه تصنيف مادة الظاهرة ووصفها ، من خلال أنساق من العلاقات تكشف عن الأبنية العميقة التي تنطوي عليها . ويمكنها هذا التجرد من استخلاص القوانين التي تتحكم في هذه المادة . وتتركز نظرية دي سوسير على فحص العلامة ،ويرى س.و.موريس :"أن السيميائية لم تكن مجالا تخصصيا فحسب ،بل إنها احتلت فوق ذلك موقعا مركزيا في البحث العلمي بوجه عام ،إذ كان عليها مهمة اكتشاف اللغة المشتركة في النظرية العلمية ." (26)
استمدت السيميائية المعاصرة بعض مبادئها من الأطروحات الوضعية في جنوحها للشكل وميلها نحو العلمية لأن الوضعيين هم من اعتبر اللغة كلها رمزا وعرفوا الحيوان على أنه حيوان قادر على استخدام الرموز .والعلم الذي يدرس هذه الرموز دراسة علمية أطلقوا عليه مصطلح السيميوطيقا أي :علم السيمياء أو الرموز . (27) وكذلك تأثرت السيميائية بالمدرسة التجريبية فأول من استخدم مصطلح سيميوطيقا في العصر الحديث هو الفيلسوف الإنجليزي التجريبي :جون لوك . (28) وقد اهتم بدراسة الطرق والوسائل التي تؤدي إلى التعرف على نظام الفلسفة والأخلاق من خلال الاهتمام بطبيعة دلائل العقل التي يستخدمها لفهم الأشياء ونقل المعرفة للآخرين كما تحدث ليبنتز عن علاقة هذا العلم بالمقتضيات الفلسفية والوجودية والابتسمولوجية لنظرية الدلائل (29). إذن فالتأمل في العلامة قديم عرفته معظم الحضارات الصينية واليونانية والرومانية والعربية .ويرى البعض : " أن هذا النظر قد نشأ بقصد التشكيك وليس بقصد المعرفة لأن منطلق المدرسة الإغريقية الشكلية فكرة مفادها "أن الحواس من شأنها أن تخوننا ،وأن المختصين يناقض بعضهم بعضا ،وتبعا لذلك يجب عدم التصديق بكل ما يزعم ،والتشكيك في كل ما يقدم ويقال ." (30)
ويمكن تلخيص الأصول الفلسفية للسييمائية بصفة عامة في الآتي :
1- الفكر اليوناني القديم عند أفلاطون وأرسطو والرواقيين.
2- التراث العربي الإسلامي الوسيط (المتصوفة ،والنقاد ،والبلاغيين ،والأدباء كالجاحظ .
3- الفكر الفلسفي والمنطقي والتداولي (بيرس وكارناب وغيرهم .
4- اللسانيات البنيوية والتداولية التحويلية بكل مدارسها واتجاهاتها.
5- الشكلانيين الروس ولا سيما فلاديمير بروب.
6- فلسفة الأشكال الرمزية (دراسة الأنظمة الرمزية التواصلية مثل :الدين والأسطورة والفن والتاريخ )
4- مبادئ السيميائية :
تبحث السيميائية عن المعنى ،من خلال بنية الاختلاف ولغة الشكل والبنى الدالة .وهي لذلك لا تهتم بالنص ولا بمن قاله ،وإنما تحاول الإجابة عن تساؤل وحيد هو كيف قال النص ما قاله ؟ (31) ومن أجل ذلك يفكك النص ويعاد تركيبه من جديد لتحدد ثوابته البنيوية
وهذا العمل يقوم على المبادئ التالية :
أ- التحليل المحايث الذي يبحث عما يكون الدلالة من شروط داخلية وإبعاد كل ما يعد خارجيا .أي البحث عن العلاقات الرابطة بين العناصر التي تنتج المعنى .
ب- التحليل البنيوي لإدراك المعنى لا بد من وجود نظام من العلاقات تربط بين عناصر النص ،ولذا فإن الاهتمام يجب أن يوجه إلى ما كان داخلا في نظام الاختلاف الذي يسمى شكل المضمون وهو التحليل البنيوي .
ج- تحليل الخطاب : يعد الخطاب في مقدمة اهتمامات التحليل السيميائي الذي يهتم بالقدرة الخطابية وهي القدرة على بناء نظام لإنتاج الأقوال .على عكس اللسانيات البنيوية التي تهتم بالجملة . (32)
5- المدارس والاتجاهات :
بعض العلماء يرى أن هناك اتجاهين رئيسين هما :
1- الاتجاه الأمريكي ورائده بيرس ومعه كارناب ووسيبوك
2- الاتجاه الفرنسي ورائده دي سوسير ومن سار على دربه مثل بويسنس وبربيطو وموبان ورولان بارت
وهناك اتجاهات فرعية يمثلها كريماس وبوشنكي وجوليا كريستيفا (33) ويعرف أحيانا بمدرسة باريس ومن أهم أعضائها جوزيف كورتيس .
ويرى آخرون أن الاتجاه الروسي اتجاه رئيس ثالث ،وأن المدرسة الفرنسية
يجب أن تقسم إلى فروع كالآتي :
أ- سيميولوجيا التواصل والإبلاغ كما عند جورج مونان
ب- سيميولوجيا الدلالة ولها عدة أشكال :اتجاه بارت الذي يحاول تطبيق اللغة على الأنساق غير اللغوية .واتجاه باريس ومن رموزه ميشيل أريفي وكلود كوكيه وكريماس . واتجاه المادية عند جوليا كريستيفا .واتجاه الأشكال الرمزية عند مولينو وغيره . (34)
6- السيمياء واللسانيات العربية المعاصرة :
أطلق بعض علماء اللسـانيات العرب علي هذا العلم الجديد ( السيميوطيقا ) وترجموه بعلم الرموز أو علم الدلالة . وكان أوائلهم متأثرين ب موريس الذي كان يرى أن السيمياء تهتم بمعنى الإشارات قبل استعمالها في قول أو منطوق معين ويؤدى علم الدلالة عند موريس إلي ما سماه دي سوسير (الترابطات ) وما يسميه بعض المتأخرين قوائم التبادل .وممن نشر كتبا في ذلك ممن كتبوا بالعربية :حنون مبارك ومحمد السرغيني وعواد علي وسمير المرزوقي وعادل فاخوري .وممن ترجم كتب الغربيين في هذا المجال محمد البكري وأنطون أبو زيد وعبد الرحمن أبو علي ،كما توجد مجلات نشرت مقالات وبحوث حول السيميائية مثل :مجلة علامات المغربية ومجلة دراسات أدبية لسانية وسيميائية المغربية أيضا ،ومجلة عالم الفكر الكويتية ومجلة فصول المصرية .غير أن أكثر الإسهام كان مغربيا وتونسيا بلا شك , أما من ناحية النوعية فإن أكثر هذه الأعمال مفتونة بالشكلية التي تغفل جوانب الموضوع والأيدولوجيا فكانت كما وصفها أحدهم : " تحصيل حاصل بعد تسويد العديد من الأوراق المرفقة بالأشكال والجداول والرسوم الهندسية والأسهم التواصلية ولكن الفائدة قليلة جدا ... عدا القليل من الدراسات والأبحاث الجادة ." (35) ممن وضح مفهوم السيمياء د. الرويلي و د. البازعى في كتابهما (دليل الناقد الأدبي حين يقولان ( السيميولوجيا لدي دارسيها تعني علم أو دراسة العلامات (الإشارات ) دراسة منظمة منتظمة ، ويفضل الأوربيون مفردة السيمولوجيا التزاماً منهم بالتسمية السوسيرية أما الأمريكيون فيفضلون السيميوطيقا التي جاء بها المفكر والفيلسوف الأمريكي تشارلي ساندرز بيرس . (36) وقد دعا معظم اللسانين العرب خاصة أهل المغرب إلي ترجمتها بالسيمياء. ورأوا أن هذه المفردة (السيمياء ) مفردة عربية لها حقل دلالي لغوي ثقافي تشاركها فيه كلمات مثل السمة والتسمية والوسام والوسم والميسم والسيماء والسيمياء ( بالقصر وبالمد ) وكلها تعني العلامة السيمياء . وأيا كانت أصولها البنيوية التي هي نفسها منهج منتظم لدراسة الأنظمة الإشارية المختلفة في الثقافة العامة .
وقد وجدت في شبكة الانترنت العديد من الدراسات العلمية الرصينة والمقالات العلمية المنشورة منها :تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات لكاتبها :أحمد يوسف وهو أستاذ جزائري مقيم في فرنسا .
2- السيميائية من نظرية المحاكاة إلى النظرية الشكلانية.
3- معجم السيميائيات لسعيد بنكراد .
4- الخطاب والتأويل قراءة في التراث الأصولي للدكتور :عبد الجليل منقور .
5- المنهج السيميائي لفريد أمعضلو.
6- مستويات التحليل السيميائي في مقارنة النص السردي . د شرشار عبد القادر _من الجزائر.
7- الإسهامات السيميائية في دراسة الإشهار لكاتب مجهول.
8- من التداولية إلى السيميائية ... أسس ومعطيات للدكتور محمد سالم سعد.
9- دلالة المعنى د. عبد الوهاب حسن حمد.
10- مدخل إلى المنهج السيميائي جميل الحمداوي .الذي له مشاركات أخرى غيرها.
7- أعلام الغربيين :
اشتهر منهم ـ غير دي سوسير ـ تشارلز ساندر بيرس ورولاند بارت ، وغارعاس وباكيسون وميرنواريكو ومايكل رميتير وجوليا كريستيفا وباريرا هير نستاين سمث . وقد ربط بيرس بين المنطق والسيميوطيقا إذ جعل" المنطق في مفهومه العام اسما آخر لها ..." (37) وله كتاب عنوانه :كتابات حول العلامة ،ظهر قبل كتاب دي سوسير غاية السيميائية عنده ؛ البحث عن الأنظمة الدالة في مختلف العلوم العقلية والإنسانية فهو يقول :"ليس باستطاعتي أن أدرس أي شيء في الكون كالرياضيات ،والأخلاق ،والميتافيزيقا والجاذبية الأرضية ،والديناميكية الحرارية والبصريات ،والكيمياء ،والتشريح ،وعلم الفلك ،والنفس ،وعلم الصوتيات ،وعلم الاقتصاد ،وتأريخ العلم والكلام ...إلا على أنه نظام سيميولوجي ." (38)
فرولان بارت مثلا هو الذي مارس التحليل السيميائي على أكمل وجه ووسع مفهوم السيمائية لتشمل حتى دراسة الأساطير .و قد زعم ـ عكس دي سوسير ، أن اللسانيات هي الأصل وأن السيمولوجيا فرع عنها . ثم جاء بعده جاك دريداوتاري بضرورة قلب مقولة بارت والعودة إلى رأي دي سوسير . (39)
وقد بلغ بحث السيمياء أقصى امتداده بجهود كريستيفا وجماعة ( تيل كيل) باعتباره منهجية للعلوم الإنسانية ولذلك فتق الدارسون أنواعا مختلفة تدرج تحتها كالسيمياء الطبيعية الكبرى والتحليلي السيمي ...ومنهم كذلك الأميركي شارل بورس الذي نهج نهجا فلسفيا منطقيا وجعل من السيميائية إطارا مرجعيا يشمل كل الدراسات .ومنهم أيضا الفرنسي بيير غارو الذي يؤيد ما قاله دي سوسير . ومن الفرنسيين أيضا برييطو وبويسنس ومارتينيه وغريماس وكوكيه وأريفي . و من إيطاليا امبرطو إيكو . (40)
8- السيميائية واللغة :
اتجه دي سوسير منذ البداية بالسيميائية نحو اللغات الطبيعية فقد رأي أن اللغات الطبيعية هي أكثر المنظومات تطابقاً مع السيميائية . وذلك لأن العلاقة بين المفردات ومدلولاتهــا علاقة اعتباطية ولآن اللغة يمكن أن تختزل في عـدد محـدود مـن العـلامات المستقلة والمختلفة . وهكذا فاللغة تصلح أن تكون نموذجاً لكل الأنظمة الدالة غير اللغوية . فاللغـة هي أهـم منظومة تواصلية ذات فعاليـة في حقـل المعرفة . وهي المنظومة المثـلي لآن العلامة فيها متميزة بوضوح تام ، وتتشكل بقدر عال من التنظيم وتحتفظ بعناصر بنيتها الثلاثة (السياقي والدلالي والتداولي ) وقد شغلت السيميائية حيزاً مقدراً في علوم الأدب خصوصاً في نظرية السرد . وذلك بارز في أعمال عدد من الأدبـاء منهم يوري لوتمان من روسـيا واليمرتو من ايطاليا ورولان بارت وكريستينا في فرنسا فهؤلاء ومن سار سيرهم يدرسـون النص الأدبي وربما ( الصحفي أو القانوني أو الديني والفني والسينمائي والمسرحي ) يبحثـون فيه علي غرار البحث اللغوي فيحددون علاماته وأنساق هذه العلامات وانتظامها في منظومة . كما ينظرون في طرفي العلاقة ( الدال والمدلول ) انطلاقاً من كونهما طرفا العلمية الإبداعية التعبير والمحتوى . وقد وجدت في الآونة الأخيرة عدد من الدراسات للعدد من النصوص علي أساس سيميائي أذكر منها دراسة بعنوان : شعرية العنونة : مكاشفة سيميائية في نص . يبكي ... ويضحك ) للشاعرة مرام ، ا سلامبولي للكاتب حمد حمود الروخى من العراق : وقد اهتم الكاتب بدراسة عنوان النص المشار إليه انطلاقاً من أن أفضل حقل لدراسة العنوان هو السيميائية لأنه ـ أي العنوان ـ هو عملية تأشير للنص أو تسويمه كما جاء في لسان العرب . قال ابن سيده : ( العنوان والعنوان سمة الكتاب . وعنونه : وسمه بالعنوان ... وقال أيضاً : في جبهته عنوان من كثرة السجود (41).ومنها كذلك :السيميائية الاجتماعية وتحليل المناهج :سيمياء الصورة نموذجا ، لكاتبه :نادر وهبة الذي خصص دراسته لبيان الكيفية التي ترسل بها الصور والرسومات قواعدها اللغوية الخاصة بها بشكل منفصل اعتمادا على نظرية بيرنشتاين في "التأطير والتصنيف "ونظرية هاليدي في علاقة الصورة بقارئها .وغير ذلك كثير من الدراسات المنشورة في المواقع المختلفة في شبكة الانترنت .
9- استخدامات السيمياء وتطبيقا تها :
أ- كشف الكذب : أصبح واضحاً الآن أنه لا يمكن كشف الكذب من خلال الكلمات بل من حواف وظلال الكلمات وكيفية نطقها وتعبيرات الوجه السريعة المرافقة للحن القول . مما يعني أن الكلمة المنطوقة لم تعد مصدر ثقة ـ ولعلها لم تكن كذلك يوماً ـ فإن تتأكد من صدق القول ومطابقته للواقع هي عملية بالغة التعقيد ، وحتى لو قال المتكلم ما قال صادقاً فهذا لا يعني أنه قد أصاب الحقيقة . فنحن نتعلم اللغة أبكر بكثير مما نظن . يقول بوتسدام : " إننا نتعلم اللغة ونحن في الأرحام ... " (42) والطفل يفهم تعبيرات الوجه قبل أن يستوعب كلمة واحدة إن الكلمات خاصة في واقعنا المعاصر أصبحت لا تعني معانيها المعجمية ولا الاصطلاحية في أحايين كثيرة . فكثيراً ما يقول بعضنا لأحدهم مرحباً وهو يعني : لا مرحبا .. وهذا ما سماه القرآن لحن القول قال تعالي يعرف المنافقين ، مخاطباً نبيه الكريم : "ولو نشاء لأرينا كهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول ." (43) والآية واضحة الدلالة في النص علي العلاقة بين السيمياء ولحن القول الذي أشارت إليه الآية ... فهكذا يمكن توظيف الدراسة السيميانية في كشف أنماط من السلوك كالكذب . فالإنسان في أزمة عقلية مع استخدام اللغة لأن فيها وجهين : ظاهر وباطن . فنحن نقرر أشياء باللغة ولا نلتزمها بالسلوك . حيث لا تعني كل كلمة ما يراد بها . والمجاملات التي نقوم بها يومياً من أهم مظاهر ذلك السلوك . ومن مظاهره أيضاً التعميم مثل قولنا : كل الأفلام سيئة . كل الشباب منحرف : وهذا غير صحيح . ومنها أيضاً الحذف حين نقول مثلاً تعطلت سيارتي ـ أو فلان حدث له حادث ونعرض عن التفصيلات التي نقول متي وكيف ولماذا ؟! ... ومنها أيضاً : التشويه . مثل قولنا : من الواضح البين أن فلاناً صادقاً ولا نقول كيف هو واضح وبين ؟ وبأي مقياس كان كذلك ؟ وكقولنا : هذا الفرع الرئيسي
للبنك . فكيف يكون فرعاً ورئيساً في الوقت نفسه؟–
ومن حقول السيمياء أيضا :علامات الحيوانات ،وعلامات الشم ،وعلامات الاتصال باللمس ،ومفاتيح المذاق ،والاتصال البصري ،وأنماط الأصوات ،والتشخيص الطبي ،وأوضاع الجسد ،واللغات الصورية والمكتوبة ،والإعلان والإشهار ،والسينما والقصة المصورة والملصقات ،وقراءة اللوحات التشكيلية . (44)
10- المصطلحات السائدة :
تسود في هذا المجال العلمي الكثير من المصطلحات كالحكم السيميائي والشحنة السيميائية والنمو السيميائي وغيرها .ولكننا هنا نحصر حديثنا على أهمها :
أ- العلامة :
العلامة هي الاصطلاح المركزي في السيميائية . وتعنى السيميائية بالعلامة على مستويين . المستوى الأول وجودي ( أنطولوجي ) ، و يعني بماهية العلامة أي بوجودها وطبيعتها وعلاقتها بالموجودات الأخرى التي تشبهها والتي تختلف عنها . أما المستوي الثاني فهو مستوي تداولي ( براغماتي ) ، يعنى بفاعلية العلامة وبتوظيفها في الحياة العملية . (45) ومن منطلق هذا التقسيم نجد أن السيميائية اتجهت اتجاهين لا يناقض أحدهما الآخر ، الاتجاه الأول يحاول تحديد ماهية العلامة ودرس مقوماتها ، وقد مهد لهذا المنحنى تشارلز بيرس ، أما الاتجاه الثاني فيركز علي توظيف العلامة في عملية التواصل ونقل المعلومات ، وقد اعتمد هذا الاتجاه علي مقولات فرديناند ده سويسر .
فالمستوى الأول :
يدرس السيميائية وفقاً لأبعاد ثلاثة :
أ- البعد النظمى السياقي : وهو يدرس الخصائص الداخلية في منظومة العلامات دون أن ينظر في تفسيرها أي ينظر في بنية العلامات داخل المنظومة .
(القصيدة مثلاً) .
ب- البعد الدلالي : يهتم بالعلاقة بين العلامة وبين مدلولاتها فهو يدرس محتوى العلامات والعلاقة القائمة بين العلامة وتفسيرها وتأويلها من دون النظر إلي من يتداولها .
ج- البعد التداولي : يدرس الصلة بين العلامة ومن يتداولها وتحدد قيمة هذه العلامة من خلال مصلحة من يتداولونها . (46)
ونلحظ هنا أن البعد الدلالي والسياقي لهما صلة بمسائل محددة من السيميائية ، أما البعد التداولي فله علاقة بدراسة المسائل السيميائية التي تحتاجها علوم معينة مثل سيكلولوجيا اللغة (علم النفس اللغوي ) وعلم النفس الاجتماعي . وفي المستوي الثاني :نجد أن دي سوسير يعرف العلامة بأنها " اتحاد لا ينفصم بين دال ومدلول والدال تصور سمعي يتشكل من سلسلة صوتية يتلقاها المستمع وتستدعي إلى ذهنه تصورا ذهنيا مفهوميا هو المدلول ." (47) أي هي وحدة ثنائية المبني لا يمكن فصل طرفيها أحدهما عن الاخر . فالعلامة عنده نتاج لعملية نفسية . ولكن أكثر من طوّر أفكار دي سويسر يرون أن الدال حقيقة مادية محسوسة لا تقتصر بالضرورة علي الأصوات . ويمكن للمرء أن يختبرها بالحواس . وهذا المحسوس المادي يستدعي إلي ذهن الملتقي حقيقة أخري محسوسة هي المدلول . فالعلامة دالها ومدلولها حقيقة مادية محسوسة تثير في العقل صورة ذهنية ، ولكن هذه الصورة هي صورة ذهنية لشيء موجود في الواقع ، لكن في رأيهم ، أن السيميائية لاتهتم بقضية الحقيقة والبطلان ، أي بمسألة مطابقة العلامة للواقع . إنما تكمن القيمة السيميائية في العلاقة القائمة بين الدال والمدلول فقط دون تجاوزهما إلي الشيء الذي تشير إليه العلامة (48) فهذه العلاقة الثلاثية تخرج من السيميائية الي الدلالة . وللعلاقة عند السوسيريين خاصتان : الأولي هي اعتباطية العلامة أي أن العلاقة بين الدال والمدلول لا تقوم علي علة من العلل المنطقية أو الطبيعية . والثانية : قيمة العلامة .وتنشأ هذه القيمة عن سببين : الأول وظيفة العلامة والثانى : أشكال التشابه والاختلاف بينها وبين العلامات الأخرى ( وهي قيمة مرتبطة بماهيتها ) فالعلاقة بين الدال والمدلول عندهم ، هي علاقة اصطلاحية وهي حاصل اتفاق بين المستعملين . ويمكن لهذا الاتفاق " أن يكون ضمنياً أو ظاهريا وإن بقى مفهوماً نسبياً خاصة عندما يتعلق الأمر بالتواضع (الاتفاق) الضمني. وهذا التواضع درجات إذ يمكنه أن يكون قوياً وجماعياً ومرغماً ومطلقاً كما في إشارات المرور والترقيم الكيميائي والجبري ، ويمكن أن يكون قوياً كما في قواعد الآداب العامة ." (49) وتتآلف العلامات فيما بينها وفقاً لنوعين من العلاقات :
أ- العلاقات النظمية السياقية . وتنبع قدرة العلامات علي التآلف من محور ذي بعد واحد يجعل العلامات ترتبط بعضها بالبعض الآخر في متتالية من العلامات تنتمي إلي السياق نفسه .
ب- العلاقات الاستبدالية : وهي تنبع من قدرة العلامات علي تشكيل جداول ترتبط وحدات كل جدول فيما بينها ويمكن للواحدة أن تحل محل الأخرى ؛ إذا تبدل السياق . (50)
وإذا بحثنا عن رأي عالم آخر غير دي سوسير حول العلامة فإن باختين العالم الروسي يرى أن العلامة ذات بعد مادي واقعي _خلافا _لدي سوسير الذي رآها مجردة من أي واقع حسي أو مادي .ولم يكتف بذلك بل قال أن العلامة لا يمكن فصلها عن الايدولوجيا ،ولا عزلها عن التواصل الاجتماعي ذي الأشكال المحسوسة كما لا يمكن عزل التواصل وأشكاله عن أسسه المادية (51)
مما يدل على أهمية هذا المصطلح أ ن الكثيرين يسمون هذا العلم بعلم العلامات ومن هؤلاء بيرس الأمريكي الذي يميز بين أنواع العلامات فيقول إنها ثلاثة أنواع هي :
1- العلامة الأيقونية : Iconic Sign مثل الصور والرسوم البيانية ،والخرائط ،والنماذج والمجسمات . وهي التي بينها وبين ما تدل عليه محاكاة ،أي هي تحاكي ما تشير إليه .وقد تكون هذه المحاكاة عالية كما في الصور التلفزيونية . أو منخفضة كما في اللوحات السريالية والأحلام وبعض مفردات اللغة التي تحاكي معانيها كأ سماء الأصوات .
2- العلامة الإشارية : Indexical Sign وهي التي بينها وبين مدلولها تلازم مشهود مثل :دلالة الدخان على النار ،ودلالة آثار الحيوانات عليها ،وكذلك آثار المجرمين .
3- الرمز أو العلامة الاصطلاحية Symbolوهي ما اتفق عليه مجموعة من الناس بناء على اصطلاح معين وليس بينها وبين ما تدل عليه أي محاكاة مثل :إشارات المرور والعلامات الموسيقية وكذلك الكلمات المفردة في أي لغة . (52)
للعلامات تصنيفات عدة من زوايا مختلفة ومما شهر من هذه التصنيفات ما يلي :
إرادية وغير إرادية ،والإرادية قسمان :اتصالية واتصالية جمالية .الأولى مثالها :الإشارات المرورية والعسكرية ،وأبواق السيارات ،والإرشادات والتوجيهات والشهادات .والثانية مثل :الصور الفنية ،والتماثيل ، والمقطوعات الفنية .
أما غير الإرادية فمنها :الصوتية كالسعال ،والحركية كجريان الدم في العروق ،والشكلية كحمرة الخدود وتغير لون ا لشعر (53)
ومن زوايا التصنيف هنا أيضا : تقسيم العلامات إلى : أ - طبيعية أي تنتجها الطبيعة كأصوات الرعد والحفيف والخرير وغيرها ،وكذلك حركات الأشجار والأمواج ومر السحاب ،وتشكيلات النجوم وأشكال القمر ،وروائح الزهور والنبات والحشرات ،وطعوم الموجودات الطبيعية كالفواكه وغيرها .وكذلك ما يتصل بحاسة اللمس مثل :حرارة الأجسام وملاستها وخشونتها .
ب- صناعية وهي التي يصنعها الإنسان سواء كانت ذات طبيعة صوتية مثل :الأجراس والصفارات ،أو حركية مثل :حركة عقارب الساعة ،أو شكلية كالأضواء الملونة ،أوشمية كالعطور ،أو ذوقية كالمشروبات والأطعمة ،أو لمسية كحرارة الأجهزة أو برودتها (54)9 وهناك تصنيف آخر بني على البساطة والتركيب ،فالعلامة البسيطة مثل إشارات المرور وإشارات التحية والإيجاب والرفض .ومن أهم العلامات المركبة اللغة الإنسانية لأن فيها أكثر من مستوى واحد ،بدء بالصوت فالكلمة فالتركيب النحوي .
أ- والعلامة عند بيرس هي ثلاثية مكونة من :
1- الصورة ويقابلها الدال عند دي سوسير.
2- مفسرة ويقابلها المدلول عند دي سوسير.
3- الموضوع وليس له مقابل عند دي سوسير .
وهي ثلاثة أنواع هي :العلامة النوعية التي لا يمكنها أن تتصرف حتى تتجسد ،والعلامة العرفية وهي المتواضع عليها ،والعلامة المتفردة وهي الشيء الموجود فعلا أو الواقعة الفعلية (55)
ب- المحايثة :
شاع هذا المصطلح في بداية ستينات القرن الماضي .ويعني التحليل المحايث عند البنيويين "أن النص لا ينظر إليه إلا في ذاته مفصولا عن أي شيء يوجد خارجه "فهي عزل النص عن سياقاته المحيطة .ويرى آخرون أن "المحايثة هي رصد لعناصر لا تفرزها السيرورة الطبيعية لسلوك إنساني مدرج داخل المدى الزمني ." (56)
فالتحليل السردي يشار فيه إلى مفاهيم لا تدرك إلا في إطار علاقتها به .منها الدلالة الأصولية ومستويات التحليل والنص ومستوياته .و قد استفادت السيميائيات السردية من تحليل المستويات وأنماط تشكلها .فتبلورت الفكرة التي تقول بعدم اكتراث الدلالة للمادة الحاملة لها ، وأنه لا دور لهذه المادة في ظهورها وانتشارها واستهلاكها .وهناك من يعطي المحايثة مضمونا إلهيا . من خلال القول بمعرفة محايثة يمتلكها الله ويسربها إلى الإنسان عبر ألفاظ ثلاثة :هي لفظ القلب واللفظ الداخلي واللفظ الخارجي . "فالمعرفة من منظور لاهوتي سابقة في الوجود على السلوك الإنساني ومصدرها محفل متعال ،ولا يقوم الإنسان إلا بتصريفها في وقائع بعينها " (57) و هكذا ترتبط المحايثة بنشاطين :الأول يحيل على كل ما هو موجود وثابت ،والثاني يتعلق بما يصدر عن كائن ما تعبيرا عن طبيعته الأصلية .
ج- المعنى :
قد يستعصى المعنى على تحديد معنى له.وقد لا يفرق الكثيرون بين المعنى والدلالة .ولكن يجد بعض العلماء فرقا كبيرا بين الاثنين .مثلا عبد القاهر الجرجاني يفرق بين المعنى ومعنى المعنى .فالمعنى عنده هو الذي تقودك له الألفاظ وحدها وتصل إليه بغير واسطة .أما معنى المعنى فهو أن تعقل من اللفظ معنى ،ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر . (58)
المعنى عند البعض معنيان :المعنى الاصطلاحي الذي يتشكل من عناصر لغوية لم يطرأ عليها
تغيير دلالي ،والمعنى الإيحائي ويتألف من عناصر شكلية تحمل دلالات متعارف عليها في مجموعة لسانية معينة .
ويرى المعاصرون أن الأصل واحد وهو المعنى الذي تدركه في الإحاطة الأولى .أما معنى المعنى فهو الدلالة التي تشير إلى السياقات الممكنة التي تشتمل عليها العلامة .ولا يفرقون في ذلك بين اللغة ووسائل الاتصال الأخرى من إشارة أو طقوس أو غيرها .