فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان : الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ، وبعد : فلا يخفى على ذي بصيرة ما منحه دين الإسلام للمرأة من كرامة ، وما ضمنه لها من حقوق تتناسب مع تكوينها داخل البيت وخارجه ، وما زالت بلادنا - ولله الحمد - تسير على هذا المنهج تجاه المرأة فهي تعيش في مجتمعنا معززة مكرمة مع زوجها وأسرتها ومجتمعها ، تتمتع بحقوقها الشرعية بكل راحة واطمئنان بعيدة عما تورطت فيه المرأة في المجتمعات الأخرى من مشاكل نتيجة لإخراجها عن طورها وحرمانها من مزاولة العمل اللائق بها ، وتكليفها بأعمال الرجال .
ونقول بمناسبة ما ظهر على بعض أعمدة بعض الصحف المحلية من تحمس مصطنع حيال ما أسموه : بمشكلة المرأة ، مما أدى ببعض الصحف إلى عقد ندوات حيال هذا الموضوع تستضيف لها بعض الشخصيات لالتماس الحلول لهذه المشكلة المزعومة ، التي تتلخص في أن المرأة طاقة معطلة وهي تشكل نصف المجتمع ، وأن المرأة قطاع غير مستثمر بالشكل المطلوب .
والذي نقوله لهؤلاء :
• أولاً : لا وجود لهذه المشكلة التي زعمتم ، فالمرأة ليست معطلة عن عملها اللائق بها ، فهي تؤدي عملها كاملاً وتؤدي خدمة لمجتمعها لا يقوم به غيرها فهي : الزوجة المطاَلَبَة بحقوق الزوج ، وهي الأم المربية للأولاد ، وهي القائمة بإدارة البيت والمسؤولة عن كل ما يدور فيه ، وهي - قبل هذا وذاك - التي يجعل الله منها بنين وبنات وحفدة ، ولا يخفى ما تلاقيه حيال ذلك من حمل وولادة ورضاعة مما يأخذ الكثير من وقتها ، وهي مع ذلك إذا كان لديها بقية من وقت تزاول الأعمال التي لا تخرج بها عن محيطها والتي تتعيش من ورائها ، فما زالت إلى عهد قريب تغزل وتنسج وتبيع وتشتري ، وتعمل في المزرعة ، مع التستر والاحتشام ، فمتى كانت المرأة طاقة معطلة وقطاعًا غير مستثمر ، إنها الدعاوى الفارغة والأقوال المردودة .
• ثانيًا : إذا قدر وجود مشكلة من هذا النوع أو من غيره ؛ فيجب أن تطرح على ذوي الاختصاص من علماء المسلمين ليلتمسوا لها حلاً على ضوء الإسلام الذي تكفل بحل جميع المشاكل ، قال تعالى : ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ .
إننا لا نشك في إخلاص تلك الشخصيات - التي استضافتها ندوة الجريدة - لكننا نقول : ليس ذلك من اختصاصهم ، وإنما هو من اختصاص علماء الشريعة الذين أُمرنا بسؤالهم عما أشكل .
والله ولي التوفيق ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه .