هيئة كبار العلماء :
الحمد الله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد : فإن " هيئة كبار العلماء " في جلستها العشرين الاستثنائية المنعقدة في مدينة الرياض بتاريخ 25/4/1431 هـ ، تشير إلى ما سبق أن صدر عنها من قرارات وبيانات فيما يقوم به المفسدون في الأرض بما يزعزع الأمن ، ويهتك الحرمات في البلاد الإسلامية وغيرها ؛ كالقرار المؤرخ في 12/1/1409 هـ. والبيان المؤرخ في 22/6/1416 هـ . والبيان المؤرخ في 13/2/1417 هـ . والبيان المؤرخ في 14/6/1424 هـ .
وقد نظرت" الهيئة " في حكم : " تمويل الإرهاب " باعتبار : أن الإرهاب : جريمة تستهدف الإفساد بزعزعة الأمن ، والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة ، كنسف المساكن والمدارس ، والمستشفيات والمصانع والجسور ، ونسف الطائرات أو خطفها ، والموارد العامة للدولة ؛ كأنابيب النفط والغاز ، ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعًا ، وأن تمويل الإرهاب إعانة عليه وسبب في بقائه وانتشاره .
كما نظرت " الهيئة " في أدلة " تجريم تمويل الإرهاب " من الكتاب والسنة ، وقواعد الشريعة ، ومنها قول الحق - جل وعلا - ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) . [ المائدة : 2 ] .
وقال سبحانه : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) . [ البقرة : 204 - 205 ] .
وقال تعالى : ( وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ) . [ الأعراف : 56 ] .
وفي " صحيح مسلم " من حديث علي - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لعن الله من أوى محدثًا ) الحديث .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في " الفتح " : ( وفيه : أن المحدث والمؤوي للمحدث في الإثم سواء ) .
ومن القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية : أن للوسائل حكم الغايات ، ولما جاء في الشريعة من الأمر بحفظ الحقوق والعهود في البلاد الإسلامية وغيرها .
لذلك كله ؛ فإن " الهيئة " تقرر : أن تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم وجريمة معاقب عليها شرعًا ، سواء بتوفير الأموال أم جمعها أم المشاركة في ذلك ، بأي وسيلة كانت ، وسواء كانت الأصول مالية أم غير مالية ، وسواء كانت مصادر الأموال مشروعة أم غير مشروعة .
فمن قام بهذه الجريمة عالمًا ، فقد ارتكب أمرًا محرمًا ، ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية بحسب النظر القضائي .
وتؤكد " الهيئة " : أن تجريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم ، وعلاجهم ، وتعليمهم ؛ لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقًا للفقراء .
وإن " هيئة كبار العلماء " إذ تقرر هذا ؛ فإنها توصي المسلمين جميعًا بالتمسك بالدين وهدي نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، والكف عن كل عمل من شأنه الإضرار بالناس والتعدي عليهم .
ونسأل الله - عز وجل - لهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية ، وعموم بلاد المسلمين الخير والصلاح والحفظ وجمع الكلمة ، وأن يصلح حال البشرية أجمعين بما يحقق العدل وينشر الفضل .
والله الموافق والهادي إلى سواء السبيل .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .