الأم : يقال: هي أصل الشيء ، فمنه أم الإنسان ، لأنها أصله الذي خرج منه ، ومكة أم القرى لأنها أصل القرى ، لما ذكر من أنها دحيت من تحتها ينظر الطبري 1 \ 37، والقرطبي 1 \ 112، والمفردات- أم . ، فيقال إن الأرض كانت رابية حيث هي مكة ، ثم بسطت من هناك قال الله -عز وجل-: سورة النازعات الآية 30 وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا . سورة الذاريات الآية 48 وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا . سورة نوح الآية 19 وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا . وأشباه ذلك . ويقال للأرض أم البشر ، لأنها أصله ، منها خلق ، ومنه قوله -عز وجل-: سورة نوح الآية 17 وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ، سورة ص الآية 71 إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ . وفي شعر أمية :
والأرض منشأنا , وكانت أمنا منها حقيقتنا , وفيها نولد في القرطبي 1 \ 112، 20 \ 167 فالأرض معقلنا... وفيه ديوان أمية 28 فالأرض معقلنا.... .
وكذا قوله تعالى: سورة القارعة الآية 9 فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ أي يلازم الهاوية ملازمة الطفل أمه التي هي أصله . وقيل: هذا من قولهم: هوت أمه ، دعاء عليه ينظر مجمع الأمثال 2 \ 390 ، ولعل أصله أن يتنكس على أم رأسه .
(الجزء رقم : 36، الصفحة رقم: 345)
ويقول النحاة "إن " الشرطية هي أم الباب ، و "إلا" أم الباب في الاستثناء ، يعني أصله الذي هو أكثر دورانا . وكذلك: روميه أم الروم : أي أصل بلادها التي ترجع إليها ويعتمد عليها سورة الزخرف الآية 4 وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، سورة الرعد الآية 39 وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ يعني أصله الذي نقل منه ، وهو اللوح المحفوظ ينظر القرطبي 1 \ 111، 9 \ 31 والدر المنثور . .
فأم الكتاب يستعمل بمعنيين: أحدهما هذا- لما ذكر . والثاني: الفاتحة لما نذكر إن شاء الله -عز وجل- من أنها متضمنة لكليات القرآن إجمالا .
وأما القرآن فالمراد به الكلام الإلهي الجامع النازل على محمد -صلى الله عليه وسلم- ، مشتق من القرء: وهو الجمع ، لجمعه ما ذكرنا . ومادة "قرأ" إلى هذا ترجع .