كان لي بالأمس قلب فقضى وأراح الناس منه و استراح
ذاك عهد من حياتي قد مضى بين تشبيب وشكوى ونـواح
إنما الحب كنجم في الفضـا نوره يمحى بأنوار الصبـاح
وسرور الحب وهم لا يطول وجمال الحب ظل لا يقيـم
وعهود الحب أحلام تـزول عندمايستيقظ العقل السليم
كم سهرت الليل والشـوق معـي ساهـر أرقبـه كــي لا أنــام
وخيال الوجـد يحمـي مضجعـي قائلا : " لا تدن ! فالنوم حـرام "
وسقامي هامس فـي مسمعـي :" من يريد الوصل لا يشكو السقام
تلك أيام تقضّت، فابشـري يا عيوني، بلقاطيف الكرى
واحذري، يانفس، ألا تذكري ذلك العهد و ما فيه جـرى
كنت إن هبّت نسيمـات السحـر أتلـوى راقصـا مـن مرحـي
وإذا مـا سكـب الغيـم المطـر خلتـه الـراح فأمـلا قـدحـي
وإذا البدر علـى الأفـق ظهـر وهي قربي صحتُ : "هلا يستحي"
كل هذا كان بالأمس، ومـا كان بالأمس تولى كالضباب
ومحا السلوان ما كان كمـا تفرط الأنفاس عقدا من حباب
يا بني أمي إذا جاءت سعـاد تسأل الفتيان عن صب كئيـب
فاخبروهـا أن أيـام البعـاد أخمدت من مهجتي ذاك اللهيب
ومكان الجمر قد حل الرمـاد ومحا السلوان أثـار النحيـب
فإذا ما غضبت لا تغضبوا وإذا ناحت فكونوا مشفقين
وإذا ما ضحكت لا تعجبوا إن هذا شأن كل العاشقين
ليت شعري ! هل لما مر رجوع أو معـادّ للحبيـب وأليـف ؟
هل لنفسي يقظة بعد الهجـوع لتريني وجه ماضيَ المخيـف؟
هي يعي أيلول أنغـام الربيـع وعلى أدنيـه أوراق الخريـف
لا، فلا بعثٌ لقلبي أو نشور لا، ولا يخصر عود المحفل
ويدُ الحصّاد لا تحيي الزهور بعد أن تبرى بحدّ المنجـل
شاخت الروح بجسمي وغدت لا ترى غير خيالات السنين
فإذا الأميال في صدري فشت فبعكاز اصطباري تستعيـن
والتوت مني الأماني وانحنت قبل أن أبلغ حـد الأربعيـن
تلك حالي فـإذا قالـت رحيـل : ما عسى حلّ به ؟ قولوا : الجنون
وإذا قالـت : أيشفـى ويــزول ما به؟ قولوا : ستشفيه المنـون