من الإشكالات التي تتميز بها اللغة العربية، تعدد الصيغ التي يتشكّل بها الفعل المضارع. وهذا يترك أثراً بيِّناً في شكل الفعل ومضمونه عامة، ثم ينتهي إلى تعدد مدهش في المعاني.
ولابأس في شيء من المقارنة، كي تتضح أبعاد هذا الموضوع، ونضع يدنا على بيت القصيد. فإذا رأينا في اللغة الإنكليزية الحديثة أنموذجاً، يمكن أن نقابله بلغة الضاد، في هذا الأمر، أي: صيغتي الماضي والمضارع، وجدنا أن ثمة صيغة واحدة لكل منهما. والخلاف الوحيد بين هاتين الصيغتين في لغتنا العربية واللغة الإنكليزية، أن المضارع هو الأصل في هذه، على حين أن الماضي هو الأصل في لغتنا. فنحن نقول مثلاً:
- عاش -يعيش.
- هدى - يهدي.
- قرَّر - يقرِّر.
وهم يقولون:
- Live- Lived.
- Conduct- Conducted.
- Decide-Decided.
وهكذا نلاحظ أن الفارق بين صيغة المضارع وبين صيغة الماضي، ينحصر في إضافة لاحقة، لا تؤدي إلى تغيير في ترتيب الحروف. إنها إضافة فحسب.
أما الأفعال التي تشذ عن هذه القاعدة، في صوغ الماضي، في حيث يتغير ترتيب حروف الفعل، أو يتغير شكل الفعل جوهرياً، فإن القارئ أو المراجع يستطيع أن يعرفها حصراً في قائمة مطبوعة في ختام أي معجم للغة الإنكليزية، تحت عنوان: أفعال غير قياسية Irregular Verbs، مثل:
- يذهب- ذهب. Go - Went.
- يتعلم - تعلم. Teach- Taught.
- يمزق- مزَّق. Tear- Tore.
ولدى العودة إلى تعدد الصيغ التي يتشكل منها المضارع في العربية، وفي أثناء بحثنا، وتقليبنا صفحات المعاجم المختلفة، نفاجأ أيضاً بمسألة، ربما كانت خاصة بالعربية، هي أن الكلمة العربية عامة، سواء أكانت اسماً أم فعلاً، تخضع لتغير معناها بتغير شكلها- شكلها بالحركات- ويتغير المعنى أحياناً دون تغيير "التشكيل"، ولكن المصدر يتغير في بعض الحالات.
وهذه أمثلة من الأسماء، ثم الأفعال:
الأسماء:
- (حَرْف) كل شيء: طرفه وشفيره وحدُّه. الجمع: أحرف وحروف .
- (فلان على حَرْف من أمره) أي ناحية منه، إذا رأى شيئاً عدل عنه. ومنه قول القرآن "ومن الناس من يعبد الله على حَرْف"(1) أي إذا لم ير مايحب انقلب على وجهه، فيعبده في السرّاء لا الضرّاء.
- (الحَرْف) مسيل الماء والناقة الضامرة الصلبة، شُبِّهت بحرف الجبل في شدتها وصلابتها. قال ذو الرمة:
جَماليَّة حَرْفٌ سناءٌ يشلُّها * * * * * وظيفٌ أَزجُّ الخَطْو ظمآن سَهْوَق
- والحَرْف: واحد حروف الهجاء. وهو مأخوذ من معنى الطَرَف والجانب... الخ.
- (الحُرْف) قال أبو حنيفة هو الذي تسميه العامة: حَبَّ الرشاد. الواحدة (حُرْفة) وفي الأساس أنه: الخردل. و-الحرمان، وهو اسم من قولك:"رجل محارَف" أي منقوص الحظ لا ينمو له مال....(2). الخ.
الأفعال:
- (دَبَر) النهار والصيف دُبوراً: إذا انصرم و-السهمُ: خرج من الهدف.
دبر الرجل دَبْراً: مات. و-فلاناً: تبعه من ورائه. و-الحديث عن فلان: حدَّثه عنه بعد موته. و-الرجلُ: شاخ. و-الريحُ: تحولت دَبوراً.
- (دَبَرني فلان) جاء بعدي وخلفي.
- (دُبِرَ) على المجهول: أصابته الدبور.
- (دَبَّر) الأمر: نظر في عاقبته وتفكر. و-اعتنى به. و-رتَّبه ونظمه.
و- الحديث: نقله عن غيره. و-على هلاكه:احتال عليه وسعى فيه.
أسماء من الجذر نفسه (دبر):
- (الدَّبْر) جماعة النحل والزنابير، الواحدة (دَبْرة) ج: أَدبُر ودُبُور.
و-مشارات المزرعة. و-أولاد الجراد. و-خلف الشيء. و-الموت. و-الجَبَل. و-رقاد كل ساعة. و- قطعة تغلظ في البحر كالجزيرة يعلوها الماء. وينضب عنها. و-المال الكثير.
- (الدِّبْر) جماعة النحل والزنابير، وأولاد الجراد، والمال الكثير.
- (الدُّبُر والدُّبْر): نقيض القُبُل. و-من كل شيء: عقبه ومؤخره.
و(دبر الصلاة): انقضاؤها.
- جئتك دُبُرَ الشهر، وفي دُبُرِه، وعلى دُبُرِه: أي آخره.
- (الدُّبُر): زاوية البيت.-ج أدبار.
- (الدَّبِر) كَكَتِف: ذو الدبر، وهو المعقور(3).
وهذا مثال آخر، لجذر لغوي آخر، تختلف فيه المعاني عامة باختلاف الفعل والاسم، وهو (سكر).
الأفعال:
- (سَكَرَ) الإناءَ سَكْراً: ملأه. و-النهرَ: سدَّ فاه. و-الريحُ سُكُوراً وسَكَراناً: سكنت بعد الهبوب. و-عينه: تحيرت وسكنت عن النظر. و-الحرُّ والحارُّ: فتر.
- (سَكَر البابَ وسكَّره): سدَّه.
- (سُكِرت أبصارنا وسُكِّرتْ): حُبست وحُيِّرت.
-( سَكِرَ فلان على فلان) غضب واغتاظ؛ "لهم عليَّ سَكَرٌ" أي: غضب شديد.
و-من الشراب سَكْراً وسَكَراً وسُكْراً وسُكُراً وسَكَراناً: نقيض صحا.
- و(سكَّره) خنقه.
الأسماء:
- السَّكْر: بَقْلة من الأحرار.
- السِّكْر: الاسم من سكر النهر، أي سدَّه. و-ما سُدَّ به النهر.
- السُّكْر: حالة تعترض بين المرء وعقله.
- السَّكَر: الخمر. و-نبيذ يتخذ من التمر والكشوث. و-كل ما يُسْكر. و-ماحُرِّم من ثمره. و-الخل. و-الطعام.
- السَّكْرة: الشدة والغشية واختلاط العقل(4).
يبدو مما تقدم اختلاف معاني الكلمة باختلاف حركتها، وخاصة وسطها، سواء أكانت فعلاً ماضياً أم اسماً. فكيف الحال، إذ يكون الفعل مضارعاً، وإذ تختلف حركة عينه؟! لا يقتصر الأمر إذاً، على مسألة ضبط عين الفعل، بل يتجاوزها إلى اختلاف معناه باختلاف حركتها وتشكيلها. " وكم من يوم أحصينا فيه المرات التي عدنا فيها إلى المعجمات، فإذا نسبة كبيرة منها، كانت في سبيل ضبط عين الفعل. وأنت حين تبحث عن عين الثلاثيّ في معجم، تطمئن نفسياً إلى أنك أمنت الزلل، وتجنبت الخطل، فتثق بما تكتب وتقرأ، لكن للاطمئنان مدارج، فثمة شك آخر يساورك، وقلق آخر يستبد بك، حين ترى عين الفعل موضع تجاذب بين معجم وآخر، من معجماتنا المعاصرة. وأمثلتها ثلاثة هي: "المعجم الوسيط" و"المنجد في اللغة"، و"الرائد" فماذا تعمل في حال كهذه"(5).
إذاً، كيف السبيل للوصول إلى ضبط عين المضارع، هل ثمة سوى المعاجم؟!
بادئ ذي بدء، لابد من صرف النظر تماماً، عن الركون إلى السماع، في هذا الأمر، فقد تركن الأذن إلى مايمكن أن تكون قد ألفته من غلط شائع. وفي الإمكان، أن نلاحظ في أسىً الفارق الشاسع بين لغة العرب اليوم، وبين لغتهم أمس. "لقد فشا اللحن في لغة الضاد. وكاد السماع يصبح قياساً والشذوذ قاعدة. فكم من فعل خاله القارئ مضموم العين، فإذا هو مفتوحها. وكم من فعل تداولته الألسن والأقلام، على أنه مفتوح العين، فإذا هو خلاف ذلك.(6)".
إن الباحث، وهو يتابع موضوع "عين المضارع" مقلِّباً صفحات هذا المعجم أو ذاك، لابد أن ينتبه إلى أن هذه المسألة تتخذ إشكالاً خاصاً. فالفعل الواحد، قد تكون له أكثر من صيغة في المضارع، ومع تغيُّر الصيغة وتغيُّر الشكل- التشكيل- يتغير المعنى، مع الأخذ بعين الاعتبار اشتقاق المعاني المجازية. وما أكثر الأمثلة التي نقرؤها في "معجم عين الفعل". فإن للجذر (أثر) في حالة الماضي والمضارع معاني مختلفة:
1- أَثَر -ُِ أُثْراً أو أَثارَةً أو أُثْرة الحديثَ: نقله ورواه عن غيره.
وأثره: تبع أَثَره.
2- أَثَر -ُِ أَثْراً أو أُثْرَةً السيفَ أو غيرَه: ترك فيه علامة يُعْرَف بها، وآثر فلانٌ أن يفعل كذا: اختار فعله.
3 - أَثِرَ -َ أَثَراً أو أَثَرَة أو أُثْرَة أو أُثْرى عليه: فضَّل نفسه عليه في النصيب.
4- أَثِرَ -َ أَثَراً على الأمر: عزم عليه، و- للأمر: تفرَّغ له.
و- يفعل كذا: شرع يفعله(7).
وفي الباب نفسه نقرأ المثال الآتي، في الجذر (أدم):
1- أَدَم -ِ أَدْماً الخبزَ: خلطه بالإدام، أي بما يوافقه من طعام.
2- أَدَمَ -ُ أَدْماً أهلَه: صار لهم أسوة. و- المتخاصِمَيْنِ: وفَّق بينهما.
3- أَدِمَ -َ أَدَماً: اشتدت سُمْرته.
4- أَدُمَ -ُ أُدْمَةً: اشتدت سمرته(8).
وفي المثالين الأخيرين، اختلفت عين المضارع، واختلفت صيغة المصدر، لكن معنى الفعل ظل واحداً.
وشبيه بهذا نلحظه في الجذر (أرك) كما يلي:
1- أَرِك -َ أَرَكاً الجملُ: اعتل بطنه من أكل الأراك.
2- أَرَكَ -ُِ أُرُوكاً أو أَرْكاً الجملُ: رعى الأراك، وهو نوع من الشجر.
3- أَرَكَ -َ أَرَكاً الجرحُ: برئ.
4- أَرِكَ -ُ أُرُوكاً الجرحُ: برئ(9).
وفي باب الباء، نتابع معاني الجذر التالي (بطل) ونرى اختلافها باختلاف عين المضارع والمصدر أيضاً:
1- بَطَلَ -ُ بُطْلاً وبُطُولاً وبُطْلانا: ذهب ضياعاً. فَسَد. سقط حكمه.
2- بَطَل -ُ بَطالةً وبُطالةً العاملُ: تعطل.
3- بَطَل -ُ بَطالةً في حديثه: هَزَل.
4-بَطِل -َ بَطالة في حديثه: هزل.
5 - بَطُل -ُ بُطُولةً: شَجُع واستبسل، صار بطلاً(10).
إن عين المضارع في الأمثلة الأربعة السالفة، ظلت على حالها، لكن صيغة المصدر وحدها، هي التي اختلفت، والمعاني اختلفت أيضاً، من الذهاب ضياعاً إلى البطولة.
وأمامنا مثال آخر من باب الثاء، لم تتغير فيه عين المضارع، إلا أن المصدر هو الذي تغير، لكن المعنى كان شيئاً آخر: (ثقب).
1- ثَقَبَ - ثَقْـباً الشيءَ: خرقه. و-ت الناقة: غَزُرَ لبنها. و- رأيُه: نفَذ.
2- ثَقَبَتْ -ُ ثُقوباً النارُ: اتقدت. و-النجمُ: أضاء. و- الطائرُ: ارتفع. و- ت الرائحةُ: انتشرت.
3- ثقب -ُ ثَقابَةً: أشبَه لهبَ النار في شدة حمرته، فهو ثَقِيبٌ.(11).
ونقرأ في باب الجيم أمثلة متعددة، يتبين فيها تعدد معنى الكلمة، مع تغير شكل عين المضارع، ودون أن يتغير هذا الشكل أيضاً. وهاهو ذا جذر (جد):
1- جَدَّ -ِ جَدَّاً : عَظُم. صار ذا حظ.
2- جَدَّ -ِ جِدَّاً فلان: لم يهزل. و- في الأمر: اجتهد.
3- جَدَّ -ِ جِدَّةً: حدث بعد أن لم يكن. صار جديداً.
4- جَدَّ -ُ جَدّاً أو جِداداً الشيء: قطعه فهو مجدود أو جَديد.
5 - جَدَّ -َ جَدَداً (باب فرح يفرح) الثديُ: يبس فهو أجد(12).
ونلاحظ بالطبع تعدد المصادر (جَدَّا- جِدَّا- جِدَّة- جَدَداً- جِداداً).
ونفاجأ في باب الراء بأن للجذر (روح) عشر حالات مختلفة متعددة، نعرضها كما يلي:
1- راحَ -ُ رَواحاً: جاء أو ذهب في الرواح (العَشِيّ) (ويستعمل لمطلق الذهاب والمضيّ) عمل فيه.
2- راحَ -ُ رَواحاً أو رَوْحاً القومَ أو إليهم أوعندهم: ذهب إليهم في الرواح: ذهب إليهم مطلقاً.
3- راحَتْ -َ (تَراحُ) رائحةً الإبلُ: ارتدَّت في الرواح (العشيّ) إلى المُراح.
4- راحَ -ُ رَوْحاً اليومُ: كان رَيِّحاً.
5- راحَ - يَراحُ رِيْحاً اليومُ: كان رَيِّحاً. و-البيتُ: دخلتهُ الريح. و- ت الريحُ الشيءَ: أصابته. و-القومُ الريحَ: دخلوا فيها.
6- رِيحَ (بالبناء للمجهول): أصابته الريح، فهو مَرُوح أو مُرِيحٌ.
7- راحَ -َ يَراح راحةً الشيءَ: وجدَ رائحته. و- للمعروف: أسرع إلى فعله فَرِحاً. و-ت يده للأمر: خفَّت. و-منك معروفاً: ناله. و-الشَّجرُ: اكتسى ورقاً بعد إدبار الصيف.
8- راح -ِ رَيْحاً الشيءَ: وجد ريحَه.
9- راح -َ يَراحُ رَواحاً أو راحاً أو راحةً أو رِياحةً أو رُؤُوحاً أو أَرْيَحيَّةً للأمر: فرح به وأقبل عليه.
10- رَوِحَ - (يَرْوَحُ) رَوَحاً: اتسع(13).
ومن الواضح تغير مصادر الفعل، مع تغير معاني الفعل.
ونقرأ أخيراً في باب القاف، في الجذر (قَبَّ= قَبَبَ):
1- قَبَّ -ُِ قَبَّاً النباتُ: يبس. و- الشيءَ: جمع أطرافه. و-القُبَّةَ: بناها.
2- قَبَّ -َ (باب فَرِحَ -َ) قَبَباً الخصرُ أو البطنُ: دق وضمرُ.
3- قَبِبَ -َ (يَقَبُّ) قَبَباً: قَبَّ -َ.
4- قَبَّ -ِ قُبوباً القومُ: رفعوا أصواتهم في الخصومة.
5- قَبَّ -ِ قَبَّاً أو قَبِيباً الأسدُ أو الفحل: سُمِعَتْ قعقعةُ نابه. و-طيَّ الثوب: أدمجه.
6- قَبَّ -ُ قَبَّاً يدَ فلان: قطعها.(14).
لقد أشار مؤلفا معجم عين الفعل إلى الينابيع التي اعتمدا عليها، وهي معاجم "لسان العرب" و"تاج العروس" و"الصحاح"... الخ، في الوقت الذي أرادا فيه أن يوضحا لقارئهما أنهما أراحاه من هذا العناء قائلين: "وهنيئاً إذ ذاك- أي لدى العودة إلى المراجع المذكورة- لمن كان في عجلة من أمره، لأنه سيضيع بين سطورها".
لقد ضَمَّنَ المؤلفان هذا المعجم المختص الفريد الأول من نوعه في اللغة العربية زهاء خمسة آلاف جذر لغوي، هي الأصول الثلاثية في لغة الضاد. وها هما ذان يقولان "نحن لم نهمل منها شيئاً، ولم نتجاوز جذراً لحساب آخر، إلا مامات منها وأَهملته المعجمات القديمة والحديثة، بيد أننا راعينا فيه التبسيط ما أمكن.(15)".
وراعيا أيضاً في مواد معجمهما الترتيب الألفبائي للجذور الثلاثية، كما جاءت في أصول اللغة، دون قلب أو ضبط بالشكل. واتبعا في هذا المجال الأصول المألوفة لدى البحث في المعجمات الأخرى، عن كلمة ما "لذا كان على كل من يطلب فعلاً معتل العين أو اللام أن يرده أولاً إلى أصله الواوي أو اليائي".
وشرحا منهجهما في تأليف هذا المعجم. وهو يقوم أولاً على ضبط عين الفعل. وعلى ذكر مصدره أو مصادره المسموعة ثانياً، وعلى شرح معناه ثالثاً. وقد يستطردان "بعد الشرح والتفسير، وحيث تدعو الحاجة إلى ذكر بعض الصفات مذكرةً يليها المؤنث أحياناً، ومفردة يليها الجمع أحياناً. فإن اختصت الصفة بالمعنى الأخير وحده تبعته دون فاصل بينهما. وإن عمت معاني الجذر كلها، أو اختصت بفقرة منه أي بواحد من فروعه، فصل بينها وبين المعنى الأخير بفاصلة.". وقد عالجا الصيغ المختلفة لحركة عين الثلاثي فقلبا "الفعل على وجوهه المعروفة كلها في فقر مرقمة وصلت إلى عشر في بعض الأفعال"- كما تقدم.. لدى عرض الأمثلة-
وحرصاً منهما على الوضوح وعدم الوقوع في اللبس فإنهما اضطرا أحياناً "إلى إثبات عين المضارع بين قوسين. وأكثر مايكون هذا في معتل، حرف العلة فيه متحرك.(16)"
بلى، إن القياس في العربية سهل، أما السماع فصعب عويص. وإذا كان هذا يحول دون الاعتماد عليه في معرفة عين الفعل، فقد غدا ذلك عقدة العقد، لأن عين الثلاثي ومصدره قياسيان لا يخضعان لقياس مطلق. ومن هنا تجيء أهمية هذا المعجم، وهو الأول في لغة الضاد. وقد ظل المؤلفان تراودهما فكرته ويسعيان إلى تنفيذها طوال خمسة عشر عاماً.
وإذا كان هذا الكتاب يسد فراغاً في المكتبة العربية، فإنه يعين كل العون "من كان غيوراً على لغة الضاد، وكان فصيح اللفظ هاجسه، فما يقرأ الكلمة إلا بعد أن يطمئن إلى حسن لفظها وإعرابها، ولا يكتب الكلمة إلا بعد أن يطمئن إلى سلامة نحوها وإملائها".
ولاشك أنه سيريح هذا العربي الغيور على لغته ويعفيه من أن تلازمه المعجمات عن يمينه وشماله.