منتديات متيجة
يشرفنا نحن ادارة منتدى متيجة ان نرحب بك زائرنا العزيز في المنتدى ونرجوا منك ان تشرفنا بتسجيلك معنا لتفيدة وتستفيد
منتديات متيجة
يشرفنا نحن ادارة منتدى متيجة ان نرحب بك زائرنا العزيز في المنتدى ونرجوا منك ان تشرفنا بتسجيلك معنا لتفيدة وتستفيد
منتديات متيجة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى متيجة هو منتدى ترفيهي علمي بامتياز هنا تجد كل ما تريده من تطبيقات و سريالات و العاب و فتاوة في الشريعة الاسلامية و تفسير القران و كل ما نستطيع توفيره من كتب علمية .ادبية .انسانية. وعلوم شرعية .بحوث الخ. ويوجد منتدى للفيديو يوتوب ونكت ..الخ وحتى الان
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أقدم المعجمات الطبيّة العربية ـــ د.نشأت الحمارنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نائب المدير
الادارة العامة
الادارة العامة
نائب المدير


عدد المساهمات : 2120
نقاط : 7058
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 06/04/2010

أقدم المعجمات الطبيّة العربية ـــ د.نشأت الحمارنة Empty
مُساهمةموضوع: أقدم المعجمات الطبيّة العربية ـــ د.نشأت الحمارنة   أقدم المعجمات الطبيّة العربية ـــ د.نشأت الحمارنة Emptyالثلاثاء يونيو 22, 2010 1:05 am

1-مقدّمة في نشوء المعجم الطبيّ العربي‏

2-أبو منصور الحسن بن نوح القمري‏

3-معجم (التنوير في الاصطلاحات الطبيّة).‏

مقدمة حول نشوء المعجم الطبي العربي‏

في القرن الثامن الميلادي وفي أوائل القرن التاسع (=ق2هـ، أوائل ق3هـ) واجهت العلماء العرب في الدولة الإسلامية مسألتان جديدتان تتعلقان بالعلم.‏

أولى هاتين المسألتين هي مسألة الترجمة أو النقل(1) من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وتحديداً: مسألة إيجاد مصطلح عربي علمي يقابل المصطلح العلمي الأجنبي، وذلك في كلّ مرة تواجه اللغة العربية فيها الحاجة إلى وضع مصطلح كانت تخلو منه من قبل.‏

وثانية هاتين المسألتين هي مسألة التفاهم بين علماء الشعوب التي دخلت في نطاق الخلافة، والتي اعتنقت الإسلام وصارت العربية لغة أساسية في حياتها، ويتلخّص كنه هذه المسألة في تعرّف المصطلح العلمي(2) في اللغات المختلفة ومعرفة المقابل الأعجمي للمصطلح العربي العلمي وذلك على نحو دقيق يتناسب وطبيعة الاصطلاح العلمي في كلّ اللغات.‏

وكانت هاتان المسألتان بحاجة إلى حل سريع.‏

وأما المسألة الأولى: فقد حُلَّت على نحو سريع حلاً جذرياً برهن على عبقرية اللغة العربية وقدرتها على الاستيعاب ومرونتها في مجال اشتقاق الألفاظ ونحتها(3)، كما برهن على عبقرية التراجمة العرب الذين أنجزوا هذا العمل بمعزل عن اللغويين.‏

أما المسألة الثانية: فقد كانت اللغة السريانية -شقيقة العربية- قد عرفتها في القرون التي سبقت الإسلام، ذلك أن الثقافة السريانية هي التي سادت المنطقة لعدة قرون وصارت لغة للعلم(4) في عدد من الأقطار التي يسكنها مزيج من الشعوب طيلة المرحلة الهلنستية المتأخرة (البيزنطية).‏

والحلّ الذي لجأت إليه اللغة السريانية كان وضع معجمات عديدة اللغات لمصطلحات العلم سميت "بشقشماهي" تفسير الأسماء"(5). وقد كانت هذه المعجمات مختلفة الحجم والأهميّة بعضها يشرَح الأسماء العلمية في لغتين وبعضها يشرحه في ثلاث لغات أو أكثر.‏

ولما جاء الإسلام وأخذت اللغة العربية في الازدهار العلمي، لم تبق اللغة السريانية بعيدة عن هذا التطوّر الإيجابي، فظلّت لغة رئيسة من لغات العلم، ودخلت -بدورها- في مرحلة زاهية من تاريخها، فزاد احتكاكها بلغات أخرى (كالفارسية) واحتكّت بلغات جديدة (كالسنسكريتية). ونتيجة لذلك ظهرت معجمات "تفسير الأسماء" بشكل أحسن وأكبر حجماً، فوصل بعضها إلى درجة صار يشرح فيها الأسماء في أربع لغات أو خمسة(6).‏

لانعلم على وجه الدقة من هو المؤلف العربي الذي كان له شرف السبق إلى كتابة معجم من نوع (تفسير الأسماء) في المرحلة الإسلامية(7) لكننا نعرف أن أحد أقدمهم هو بختيشوع.(8)‏

ونعرف أيضاً أن الرازي في موسوعته الهامّة (الجامع) خصّص جزءاً كاملاً (لتفسير الأسماء): أسماء الأمراض والأعراض والأعضاء والعقاقير وأسماء الأوزان والمكاييل المستعملة في الطب والصيدلة.‏

يقول ابن أبي أصيبعة(9) في معرض حديثه عن كتاب (الجامع): (.. كتاب الجامع.. وهو ينقسم إلى اثني عشر قسماً... القسم السابع في تفسير الأسماء والأوزان والمكاييل التي للعقاقير، وتسمية الأعضاء والأدواء باليونانية والسريانية والفارسية والهندية والعربية، على سبيل الكتب المسمّاة بشقشماهي).‏

وبعد الرازي(10)لا نعجب أن نرى أن علي بن العباس(11)أو الزهراوي(12)أو البيروني(13)ينسجون على منواله.‏

ولا نعجب أيضاً أن نرى أن لغات أخرى قد جاءت مفرداتها إلى هذه الكتب، ومن هذه اللغات:‏

الآرامية والنبطية والقبطية والبربرية واللاتينية وعامية الأندلس. كل ذلك بسبب تعايش رجال العلم تعايشاً يتناسب وتعايش شعوبهم في ظل الحضارة الإسلامية التي امتازت بالسماحة: الاحترام المتبادل بين الآراء المتباينة والتآخي بين المذاهب المختلفة.‏

معجمات (تفسير الأسماء) قامت بدور القاموس عديد اللغات في يومنا هذا، وإن كان شكل بعضها قد جاء بدائياً، إلا أنها أدت الدور المرجوّ منها سواء كانت على شكل كتاب مستقل -كما هو الحال في (الجامع)- أو على شكل جزء من كتاب -كما هو الحال في كتاب الزهراوي (التصريف...)-(14).‏

وهذه المعجمات حلّت المشكلة الأولى التي واجهت العلماء المسلمين وقد نسج العرب في حلها على منوال أبناء عمومتهم السريان(15)فكيف حُلَّت المشكلة الثانية؟.‏

الترجمة : لقد جهد العلماء العرب في مسألة (نقل) المصطلح العلمي من لغة أعجمية إلى اللغة العربية، وقد لجؤوا في ذلك إلى طرق شتى ليس هذا مجال الخوض فيها. ولكننا نلمح إلى بعضها باختصار شديد. فبعض الكلمات كانت تحمل معنى يمكن ترجمته.. (كشبكية العين) التي تحمل في اللغة الإغريقية معنى (الشبكية)، ومن هنا أطلقوا على تلك (الطبقة) من طبقات جدار العين (جدار المقلة) اسماً يشبه اسمه في اللغة اليونانية: الإغريق شبهوا هذه الطبقة بشبكة الصياد، فنسب العرب إلى (الشبكة) اسماً يتناسب وهذا المعنى (الشبكية)(16).‏

مصطلحات أخرى استعملوا لها لفظة معروفة في العربية استعمالاً مجازياً، مثلاً (انتباج كيس الدمع) في مؤق العين الأنسي (بين الفرجة الجفنية وجذر الأنف) شبهه العرب بالوعاء الدموي الذي يظهر عند الخيل في المكان نفسه ويكون حجمه كبيراً لافتاً للنظر. وهذا الوعاء الدموي اسمه في العربية (الغرب)، لذلك استعملوا كلمة (غرب) استعمالاً مجازياً لتعني هذا ( الانتباج) في كيس الدمع فاختصت كلمة (غرب) هنا بمعنى خاصّ جديد، وبذلك صارت مصطلحاً. فالغرب عند أطباء العين هو (انتباج كيس الدمع)، أصبح له معنى آخر غير معناه في اللغة.‏

وهكذا لجأوا إلى وسائل عديدة (لتوليد) مصطلحات جديدة، منها النحت ومنها الاشتقاق إلخ. ولجأوا في أحيان أخرى إلى تعريب بعض المصطلحات الأعجمية، أي أن (العربية) اقترضت من لغة أخرى (مصطلحاً) ظل على حاله.. مثلاً (المننجس) لتعني (غشاء الدماغ) أي مانسميه اليوم (السحايا). و(المننجس) لفظة يونانية. ومثال آخر: (شبكور) تعني المصاب بالعمى الليلي، اقتُرِضَت من الفارسية إذ إن (شب) تعني الليل و(كور) تعني الأعمى(17).‏

وبعد أن تعددت الاجتهادات، وكثرت طرق العمل توافر للعربية حجم ضخم من المصطلحات العلمية صار تفسيرها ضرورياً للأطباء وطلاب الطب. ومن هنا جاءت ضرورة كتابة نوع جديد من كتب الطب هو ذلك النوع الذي (يعرَّف) بالمصطلح أي (معجم التعريفات)(18).‏

وكما أسلفنا فإن هذه الحاجات لم تنشأ في مجال العلوم الطبية فحسب بل نشأت في مجالات العلوم كلها: علوم الدين وعلوم اللغة، والرياضيات وعلوم الطبيعة(19).. إلخ.‏

وعلى ذلك فإن هذا النوع من المعجمات ظهر في كلّ فروع العلم. ولن نتطرق هنا إلا إلى المعجمات الطبية، لكننا إنما أردنا -منذ البداية- أن ننبّه على هذه الظاهرة الهامّة في تاريخ العلم.‏

لاعجب إذاً أن نجد في التراث العلمي العربي أنواعاً من معجمات التعريفات(20) (DEFINITIONS) الطبيّة.‏

1-نوع عام للعلوم كلها -مثاله كتاب الخوارزمي (ق10) (مفاتيح العلوم) حيث يحتل (الطب) الباب الثالث من المقالة الثانية من الكتاب المخصصة للعلوم الدخيلة أي لعلوم العجم (كالفلسفة والمنطق والرياضيات والهندسة وعلم النجوم والموسيقى والميكانيك والكيمياء).‏

2-ونوع آخر: المعجمُ فيه جزء من الكتاب الطبي. ومثاله: كتاب (مفتاح الطب) لابن هندو (ق10-11) وفيه يشغل المعجمُ الطبيُ المعنيُّ بالتعريفات البابَ العاشرَ من الكتاب(21).‏

3-ونوع ثالث: الكتاب كلّهُ له موضوع واحد (معجم طبي) (معجم تعريفات) ومثاله كتاب القمري (ق10) (التنوير في الاصطلاحات الطبية)(22).‏

وهكذا فإننا نعرف أن هذه (المعجمات) قد كُتبت ليستفيد منها الخاصّةُ والعامّةُ، علماءُ اللغة والعلماءُ المتخصصون في الطبّ، والأطباءُ، وطلبةُ الطب.‏

وذلك لأن اللغويَّ لا يفهم -مهما كان عالماً في اللغة(23)- المعنى الاصطلاحيّ للكلمة التي يفهمها المتخصصون الذين اختاروها وتواضعوا عليها. وكذلك لايفهمها الأطباء والطلبة إلاّ إذا شُرِحَ معناها لهم(24) ومن أجل ذلك وُضِعت هذه المعجمات المتخصصة.‏

الثقافة السريانية قدّمت للعلماء العرب إذاً مثالاً يحتذى في مجال " المعجم عديد اللغات" للاصطلاحات الطبيّة، وهو معجم "تفسير الأسماء"(25)(=بشقشماهي).‏

فأين وجد التراجمة العرب مثالهم الذي ينسجون على منواله، أو الذي يستعينون به في مجال "معجم التعريفات"؟.‏

سبق أن أشرنا(26)إلى أن العرب استعانوا بتجربة جالينوس في كتابه (في الأسماء الطبيّة)(27)ويجب أن نوضّح هنا بعض جوانب هذه المسألة، ذلك لاختلاط الأمر حديثاً على بعض الباحثين (مثلاً عام 1991) الذين لم يستوعبوا تماماً ماقاله الأستاذ أولمان(28) (1970) أو الذين لم يقرؤوا ماكتبه الأستاذ سزكين(29)(1970).‏

كتب جالينوس كتابَ (في الأسماء الطبية) (وغرضه فيه أن يبيّن الأسماء التي استعملها الأطباء وعلى أيّ المعاني استعملوها)، (وجعله في خمس مقالات)(30).‏

وقد ضاع الأصل اليوناني لهذا الكتاب، وكان حنين آخر من امتلك نسخة من هذا الأصل، ولم يكن أحد قد تَرْجمَ هذا الكتاب(31)إلى السريانية أو العربية.‏

وقد قام حنين بترجمة ثلاث مقالات منه إلى السريانية. ثم قام حبيش بترجمة المقالة الأولى من الكتاب من السريانية إلى العربية(32).‏

ماوصل إلينا من هذا الكتاب إذاً ماهو إلاّ جزء منه، لذلك بات من الصعب أن نعرف كلّ شيء عن هذا الكتاب. إلاّ أن الذي يَعْرف هذا الكتاب هو حنينُ بن اسحق فهو الذي أعطانا تقريراً عنه، وهو الذي يَعرِف تراث جالينوس الطبيّ حق المعرفة، وهو الذي قام بأهم الترجمات الطبية من الإغريقية إلى العربية.‏

وماوصل إلينا من هذا الكتاب يسمح بإعطاء لمحة عن أسلوبه، فجالينوس كعادته يردّ على آراء الأطباء الذين لايوافق على مذاهبهم الطبية، ويهاجمهم، ويفسّر المصطلحات الطبيةَ التفسيرَ الذي يراه.‏

لذلك لانعجب إذا وجدنا أن العرب -منذ عصر حنين- يحرصون على إعطاء المصطلح الطبي تعريفاً دقيقاً غير قابل للتأويل، وحتى تعبير (التعريف)(33) الذي نستعمله اليوم كان يسمى في التراث العربي (الحدّ).‏

أما كتاب (الحدود) المنسوب إلى جالينوس والذي هو من نوع كتب (معجمات التعريفات)(34)فقد وصل إلى عصرنا بلغته الأصيلة(35).‏

ويذكر حنين(36)هذا الكتاب تحت اسم (في القياسات الوضعية). ويقول عنه: "لم أختبرها على ماينبغي، ولا عرفت مافيها".‏

فمن المستبعد إذاً أن يكون حنين قد تأثر بهذا الكتاب.‏

ويرجح الباحثون أن هذا الكتاب منحول لجالينوس(37). ويرى الأستاذ سزكين أن أوريباسيوس كان أول من شكك في نسبة هذا الكتاب إلى جالينوس(38).‏

ونجد ذكر هذا الكتاب عند الرازي الذي ربما كان آخر من اطّلع عليه. والرازي يقتبس عن هذا الكتاب دون أن يذكر اسم مؤلفه.‏

لذلك فإنه ليس من الصحيح القول بإن هذا الكتاب يمكن أن يكون قد قام بدورٍ في التأثير في عملية تأليف (معجم التعريفات)، وذلك لسبب بسيط، لأن حنين بن اسحق يعترف بانه لايعرف مافيه. ففى أيّ المؤلفين يمكن أن يكون هذا الكتاب قد أثّر؟.‏

إن العرب بعد عصر حنين فهموا تماماً فكرة (التعريف) ولم يبق لهم حاجة إلى مصدر أعجمي لهذه الغاية.‏

لقد استقرّ (المصطلح الفني) في عصر حنين استقراراً نهائياً.‏

أقدم كتاب -وصل إلى عصرنا- أراد له مؤلِّفَهُ أن يكون معجماً طبيّاً متخصصاً، قائماً بذاته هو (التنوير في الاصطلاحات الطبية) كما سبق أن ذكرنا.‏

فما هو الكتاب؟ ومن هو المؤلف؟.‏

أبو منصور الحسن بن نوح القمري‏

*القمري وكتاباه: الكنّاش والمعجم. 4صفحات‏

*شخصية القمري. 3صفحات.‏

*القمري في المصادر. 3صفحات.‏

*القمري في المراجع الغربيّة. صفحتان.‏

*متى عاش القمري؟ 4صفحات.‏

*تحقيق اسم (القمري). 11صفحة.‏

القَمَري وكتاباه: الكنّاش والمعجم.‏

يُنسَبُ أبو منصور الحسن(39)بن نوح القمري إلى بخارة، وقد أهملته كتب التراجم والطبقات(40) أو كادت، لذلك فنحن لانعرف أية معلومات عن سيرته، ولكن قراءة خطبة كتابه (غنى ومنى) تعطي الباحث المدقق معلومات هامّة عن شخصيته ، وعن طريقة تفكيره.‏

(غنى ومنى) هو أحد الكتابين اللذين وصلا إلى عصرنا، أمّا كتابه الآخر فهو (التنوير في الاصطلاحات الطبية) وهو معجم طبي صغير الحجم خطير الشأن(41) في تاريخ الطب العربي.‏

ونعرف من ابن أبي أصيبعة أنه -القمري- كان يقوم بالتدريس: ".. إن الشيخ الرئيس ابن سينا كان قد لحق هذا وهو شيخ كبير، وكان يحضر مجلسه، ويلازم دروسه، وانتفع به في صناعة الطبّ..."(42).‏

الكتاب الأول (غنى ومنى) لايحتلّ إلا مكانة عاديّة في تاريخ الطبّ العربي، فهو أحد الكُنّاشات الكثيرة التي أُلِّفَت في الإسلام والتي وصَلت إلى عصرنا(43)، والكنّاش الطبيّ(44): كتاب مختصر يعالج كلّ موضوعات الطب السريري، ويبتعد عن الطبّ النظري، ويركّز اهتمامه على أعراض الأمراض ومعالجاتها، ويُفتَرَض أن يكون الكُنّاش الطبي كافياً لحاجات الطبيب الممارس.‏

ودراسَتُنا الأوليّة لكتاب (غنى ومنى) أظهرت أن ثمة تأثيراً واضحاً للقَمَري على ابن سينا(45)، وهذا ماقد يعطي هذا الكتاب أهميّة خاصّة في تاريخ الطب العربي، وقد أظهرت هذه الدراسة أيضاً أن القَمَري نقل عن الرّازي وتأثر به -تماماً كما قال ابن أبي أصيبعة(46)-.‏

والكنّاش الطبيّ لايمكن أن يرقى من حيث مستواه العلمي إلى مرتبة كتب الطب الشاملة‏

(أو الموسوعية)، ذلك أن هذا النوع من الكتب يطمح إلى حصر الطب كلّه بين دفتي مجلد واحد، جامعاً العلوم الطبية النظرية (كليّات الطبّ) إلى جانب العلوم الطبية العملية. بما في ذلك السريريات والمعالجات والأعمال الجراحية، ونموذج هذه الكتب هو كتاب (كامل الصناعة الطبيّة) لعلي بن العبّاس المجوسي.‏

وعلى ذلك فإن جميع الكنّاشات تظل -من وجهة نظر مؤرخي الطب والأطباء- في مرتبة أخفض من تلك المرتبة التي تحتلها كتب الطبّ التدريسيّة الهامّة ككتاب (كامل الصناعة الطبيّة) للمجوسي، أو كتاب (المعالجات البقراطية) لأبي الحسن الطبري(47).‏

فالكتابان (غنى ومنى) و (كامل الصناعة) ظهرا في عصر واحد، وكلّ منهما له غاية وهدف يختلفان عن غاية الكتاب الآخر وهدفه. وقد توفي علي بن العبّاس في الربع الأخير من القرن العاشر الميلادي (=القرن الرابع للهجرة)، وكذلك القَمَري، وربما كان تاريخ وفاة القَمَري متأخراً قليلاً عن تاريخ وفاة المجوسي(48).‏

والشيء نفسه يقال عن كتاب (المعالجات البقراطية) إذا قورن بكتاب (غنى ومنى)(49).‏

وإذا كان المؤرّخون وأصحاب كتب التراجم قد أهملوا الحديث عن المؤلف (القَمَري)، فبتنا لانعرف إلا القليل عن سيرته، فإن قراءة كتابيه تكفي لمعرفة على جوانب هامة من شخصيته.‏

شخصية القمري‏

يبدو لنا المؤلف رجلاً واسع المعرفة والاطّلاع، توافرت له أمهات كتب الطب فنهل منها.‏

يقول في خطبة كتابه (غنى ومنى): "... وأحرص على تتبّع الكتب المؤلّفة.. ودراسة الكنّاشات المصنفة، حتى أحطتُ بمكنون خزائنه واطّلعت على أسراره ودفائنه(50)...".‏

وعلى ذلك فقد اعتمد على عدد كبير من الأساتذة الإغريق، ونقل مقتبسات مختارة من كتبهم. وإذا أردنا أن نسمّي بعض أشهر هؤلاء نذكر بقراط وجالينوس وروفوس وبولص والاسكندر واهرن وانتيلوس.‏

أما الأساتذة العرب الذين أخذ عنهم فهم أهمّ أعلام القرنين التاسع والعاشر (=3،4هـ): ماسرجويه وابن ماسويه وحنين وعلي بن ربن الطبري وقسطا بن لوقا وثابت بن قرة وجبريل بن بختيشوع ومحمد بن زكريّا الرّازي، وهذا يؤكّد لنا أنه أحاط حقّاً (بمكنون خزائن) الطب.‏

وهو أستاذ واثق تماماً من نفسه، يقول في مقدمته لكتاب (التنوير): "... واشرح كل شيء شرحاً كافياً وافياً.."(51).‏

وهو لايترك شاردة ولا واردة إلاّ وأحاط بها، كلّ ذلك بأسلوب مشوّق وعلى درجة رفيعة من الاختصار والتركيز. فلا عجب إذاً أن نرى أن ماكتبه القمري في الصيدلة والصناعات الدوائية بعنوان (في اتخاذ الأشياء التي لابدّ منها كلّ يوم) قد جاء قمةً في هذا الموضوع لا يصل إليها الآخرون في عصره، فينقل عنه المتأخرون من أصحاب الأقراباذينات نقلاً يكاد يكون حرفياً، ومن هؤلاء الناقلين القلانسي(52)صاحب أحد أحسن الأقراباذينات التي وصلت إلى عصرنا (ق12-13م) (=ق6-7هـ)، والسجزي(53)الذي عاش قبل القرن الرابع عشر الميلادي (قبل ق8هـ) في كتابه (حقائق أسرار الطب)، وذلك -على وجه التحديد- في القسم الثاني من الفن الثاني من الكتاب (في كيفية استعمال الأدوية من الدقّ والطبخ والإحراق والسحق وغير ذلك).‏

وبعد أن حقق الأستاذ الدكتور زهير البابا أقراباذين القلانسي ونشره تبيّن لنا أن القلانسي نقل أكثر من عشرين فقرة من كتاب القَمَري نقلاً حرفياً(54)، وذلك في الباب المخصّص للأعمال الصيدلانية.‏

وكان الأستاذ أولمان(55) قد أشار إلى أن القلانسي نقل عن القمري في باب (الأوزان والمكاييل) ولم يُشِر إلى (الأعمال الصيدلانية)(56).‏

القمري في المصادر‏

لا نعلم متى كتب القمري كتابَيْهِ الشهيرين، إلا أننا نعرف أن هذين الكتابين لم يكونا قد وقعا في يد ابن النديم حينما حرّر (الفهرست)، أو لعلّ القمري لم يكن قد كتب شيئاً حتى عام 377هـ- عام كتابة الفهرست(57)- وعلى ذلك فإننا لانجد ذكراً للقمري عند ابن النديم.‏

والأمر نفسه ينطبق على ابن جلجل الذي لم يترجم للقمري للسبب نفسه، ذلك أنّه كتب كتابه(58)في العام نفسه الذي كتب فيه النديم كتابه في بغداد، وهو إلى ذلك أبعد بلداً.‏

أما لماذا لم يترجم الآخرون(59) للقمري، -وقد اشتُهر كتاباه في أيامهم- فسؤال تصعب الإجابة عنه، لكنه من المعلوم أن الذين ترجموا للأطباء لم يتمكنوا من الإحاطة بأسماء جميع الأطباء الكبار.‏

أوَّلُ خبر عن القمري في المصادر العربية أتى به ابن أبي أصيبعة(60)، وذلك في القرن السابع الهجري (=13م). وعنه أخذ الصفدي(61)الذي استدرك على ابن خلكان(62)الذي لم يكن قد ترجم للقمري.‏

وكذلك فعل ابن فضل اللّه العمري(63)الذي نقل أيضاً عن ابن أبي أصيبعة.‏

وبعد أربعة قرون عاد الحاج خليفة(64)إلى ذكر القمري، وذلك في كتابه (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون).‏

القمري في المراجع الغربية‏

نذكر هنا أسماء العلماء والباحثين الغربيين الذين ذكروا القمري حينما كتبوا عن المخطوطات العربية المحفوظة في المكتبات الأوربية(65)أو الذين حققوا بعض أمهات كتب التراث العربي(66) أو الذين كتبوا عن هذا التراث(67).‏

أوّل هؤلاء هو اصطفان السمعاني الذي كتب عن مخطوطةس لكتاب (غنى ومنى) محفوظة في فلورنسا عام (1743).‏

وثانيهم هو أوري (URI)الذي وصف مخطوطةً أخرى لهذا الكتاب محفوظةً في أوكسفورد. عام (1787).‏

بعد ذلك أخرج فلوغل (FLUGEL) كتاب (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون) للحاج خليفة ونشره بالعربية عام (1837).‏

ثم كتب فوستنفلد (WUSTENFELD) عام (1840) عن الأطباء وعلماء الطبيعة العرب).‏

ثم كتب لوكلير (LECLERC) في باريس كتابه الشهير (تاريخ الطب العربي). (عام 1876).‏

وبعدها أخرج مولر (MـLLER) كتاب (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) ونشره بالعربية في القاهرة (1882) ثم تتالت الكتابات:‏

*بيرتش (PERTSCH) (1883): حول مخطوطات غوتا.‏

*بروكلمان (BROCKELMANN) (1898): في (تاريخ الأدب العربي).‏

*مايرهوف (MEYERHOF) (1911): في مقالة عن ثابت بن قرة.‏

*سارتون (SARTON) (1927): في (تاريخ العلم).‏

متى عاش القمري‏

لم يذكر ابن أبي أصيبعة(68)سنةَ وفاة القمري، وهو أوّل من ترجم له، وكذلك فعل الصفدي(69) ، الذي لابدّ أن يكون قد افتقر إلى مصدر آخر- للحصول على معلومات بشأن القمري- غير ابن أبي أصيبعة.‏

أما ابن فضل اللّه العمري(70)فهو ناقل حرفيّ عن أبي أصيبعة في كلّ تراجم الأطباء التي جاءت في الجزء التاسع من كتابه، وعلى ذلك فهو لايذكر أيضاً سنة وفاة القمري.‏

ونجد ذكراً للقمري عند الحاج خليفة(71)دون أن يقول شيئاً عن سنة وفاته.‏

لكن ابن أبي أصيبعة(72)يقول نقلاً عن الشيخ شمس الدين عبد الحميد بن عيسى الخسروشاهي مامعناه: أن ابن سينا حضر دروس الأستاذ القمري حينما كان ابن سينا طالباً، وأن الأستاذ القمري كان في ذلك الحين شيخاً كبير السن.‏

ومن جهة أخرى يقدّرُ الباحثون أن ابن سينا ولد عام 370هـ=980م. ونعرف من المصادر أن ابن سينا انتهى من دراسة الطب في الثامنة عشرة من عمره.‏

فإذا افترضنا أن ابن سينا كان قد حضر دروس القمري وهو في الخامسة عشرة(73) من عمره، فإن ذلك يعني أن القمري كان حياً سنة 385 للهجرة(=995م)(74).‏

وإذا افترضنا أن ابن سينا كان قد حضر دروس القمري قُبَيل انتهائه من دراسة الطب -أي حينما كان عمره (18 عاماً) ثمانية عشر عاماً- فإن هذا يعني أن القمري كان حيّاً سنة 388 للهجرة (=998م).‏

ليس صحياً إذاً أَيُّ تقدير(75) لسنة وفاة القمري يجعلها قبل عام 385هـ (=995م).‏

يقول سزكين(76)إن القمري ربما كان قد توفي حوالي 390هـ (=999م). وهذا تقدير صحيح. أما أولمان(77) فيقول إن القمري توفي بعد عام 380هـ (=990م) وكان عليه أن يقول بعد عام 385هـ (=995م).‏

القمري إذاً من أهل القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، وربما لحق القرن الحادي عشر، وتوفي في مطلعه، لكنه من المستبعد أن يكون قد لحق القرن الخامس الهجري(78)وفقاً لرواية الخسروشاهي. وحسب ما بيّنا.‏

تحقيق اسم القمري‏

لعلّ أقدم ذكر لأبي منصور الحسن بن نوح القمري في المؤلفات الاستشراقية قد جاء على لسان اصطفان السمعاني(79)في منتصف القرن الثامن عشر. أما في الشرق العربيّ فقد ذكره ابن أبي أصيبعة(80) (ق13) وابن فضل اللّه العمري(81)(ق14) وصلاح الدين الصفدي(82)(ق14)، ثم ذكره بعد ذلك الحاج خليفة(83)(ق17).‏

كتب اصطفان السمعاني فهرساً للمخطوطات الشرقية في المكتبة الميدتسية (الميدتشية) في فلورنسا(84).‏

وفي هذا الفهرس يأتي اسم القمري مكتوباً بالعربية دون إعجام(85)وباللاتينية مع فتح القاف والميم al-kamari(86).‏

وفي عام 1787 كتب يانوش أوري(87) فهرساً بأسماء المخطوطات العربية المحفوظة في المكتبة البودلية (بودليانا) في أوكسفورد(88). وكتب اسم المؤلف بفتح القاف والميم(89) كما فعل السمعاني (القمري =AL-CAMARI ).‏

لكن فوستنفلد عام 1840(90)قرأ اسم المؤلف قراءة مختلفة: بضم القاف وتسكين الميم‏

(القُمْري =EL-COMRI)(91).‏

فمن أين أتى فوستنفلد بهذا النطق المختلف؟ هل نقله عن غيره معتمداً طريقة جديدة في قراءة الاسم ومعارضاً ماذهب إليه السمعاني وأوري؟ أم أنّه صاحبُ اجتهاد خاص؟.‏

ومن المعروف أن فوستنفلد استعمل عدداً كبيراً من فهارس المكتبات الأوربية(92)، كما استعمل بعض كتب التاريخ أو التراجم العربية مصدراً لكتابه(93).‏

فهل يستحق الأمر عناء البحث في كل هذه الفهارس القديمة التي صدرت في القرن السابع عشر أو الثامن عشر أو مطلع التاسع عشر لمعرفة المؤلف الذي يمكن أن يكون فوستنفلد قد أخذ هذا النطق الجديد لاسم أبي منصور الحسن بن نوح (القُمْري)؟ ذلك أنه في حدود مانعلم فإن فوستنفلد هو أول المؤلفين الأوربيين الذين اعتمدوا هذا النطق فصار كِتابُهُ بذلك مصدراً أَخَذَ عنه على مايبدو:‏

لوكلير(94)عام 1876 EL-COMRY.‏

بروكلمان(95)عام 1898AL-QUMRI.‏

مايرهوف(96)عام 1911 AL-QUMRI.‏

سارتون(97)عام 1927 AL-QUMRI.‏

ريتر(98)عام 1950 AL-QUMRI.‏

وهذا يكفي لتفشي هذا النطق وخاصّة حينما نعلم أن أصحاب كتب التراجم لم يضعوا الحركات على أحرف كلمة (القمري)، وبذلك لم يحدّدوا طريقة لفظها:‏

*الحاج خليفة(99) في كشف الظنون (بإخراج فلوغل سنة 1835- 1837) كتبه (القمري) وهكذا فعل البغدادي(100)صاحب (إيضاح المكنون...).‏

*وابن أبي أصيبعة(101) (بإخراج مولر عام 1882) كتبه (القمري).‏

وعلى ذلك فإنّ بيرتش(102)عام 1883 آثر الحياد فلم يكتب الاسم بالأحرف الألمانية وإنما كتبه بالعربية كما كتبه من قبله فلوغل ومولر (القمري) ولم يحقق كيفية كتابة الاسم.‏

فوستنفلد إذاً -على الأرجح- هو الذي ابتدع هذا النطق لاسم (القَمَري)، فصار (القُمْري).‏

لكن فوستنفلد وحده ماكان يكفي لإذاعة هذا النطق الجديد. المسؤولون هم الأساتذة الكبار الذين نسجوا على منوال فوستنفلد دون أن يحقّقوا الاسم: بروكلمان وسارتون( وغيرهما). فهم إذاً يتحملون مسؤولية إشاعة هذا النطق باللغات الأجنبية إذ كتبوه AL-QUMRI حسب الكتابة المعتمدة في الأوساط الاستشراقية للأسماء العربية.‏

فهل من سبيل لتصحيح هذا الاسم بعد أن دخل في أمهات المراجع الأجنبية المعنية بالتراث العربي؟ (قاموس التراجم العلمية(103)، سزكين(104)، أولمان(105).. إلخ) وفي المراجع العربية: عمر رضا كحالة(106)، وسامي حمارنة(107)، والترجمة العربية لبروكلمان(108)، وغيرهم.‏

ومن جهة أخرى هل تسعفنا المخطوطات فنجد في بعضها اسم أبي منصور مُعْجَماً (القَمَري) أو (القُمْري)؟‏

مخطوطتان على الأقل لهما هيبتهما التاريخية، ناسخاهما اعتمدا اسم (القَمَري):‏

*المخطوطة الأولى(109)هي مخطوطة مسالك الأبصار لابن فضل اللّه العمري.‏

*والأخرى(110)هي مخطوطة الوافي بالوفيات للصلاح الصفدي.‏

لكن الناسخ -بطبيعة الحال- ليس ثقة، الثقة هي المخطوطة الأم التي كتبها المؤلف.‏

أما مخطوطات كتابي القَمَري (غنى ومنى، والتنوير) فهي بدورها لاتحلّ المشكلة.. ذلك أنها جميعاً بخط ناسخين متأخرين عن ابن فضل اللّه العمري والصفدي.‏

لكن ثمة قرينة قد توحي بأن اسم مؤلفنا هو (القَمَري) المشتق من (القَمَر) ذلك أن كتابه الشهير (غنى ومنى) يسمى في كثير من الحالات (الشمسية المنصورية).‏

أفلا توحي القرابة بين (الشمس) و(القمر) بأن الذين أطلقوا على ذلك الكتاب (غنى ومنى) هذه التسمية (الشمسية) كانوا يعرفون أن اسم المؤلف (القَمَري) وليس (القُمْري)؟‏

ومن ناحية أخرى يقول ابن فضل اللّه العُمَري (القَمَريّ): (ومنهم أبو منصورٍ الحسن بنُ نوحٍ القَمري قَمر سمآءٍ ورقم عذار ظل في وجنةِ مَآءٍ...).‏

لذلك فإننا نميل إلى أن اسم المؤلف هو (القَمَري) وليس (القُمْري).‏

وكانت الزميلة الدكتورة غادة الكرمي قد تقدمت لنيل الدكتوراه في الفلسفة (تاريخ الطب) عام (1978) بأطروحة حول: (الكُنّاش الطبي العربي في القرن العاشر الميلادي) وتبنّت فيها اسم (القَمَري)(111).‏

ولأن هذه الأطروحة لم تنشر، فإن أحداً لايعرف بعد الأسباب التي دعت الزميلة إلى اختيار هذا النطق للاسم (القَمَري).‏

معجم (التنوير في الاصطلاحات الطبيّة)‏

*التبويب‏

*من خطبة الكتاب‏

*مطلع الباب الأول‏

*نموذج من التحقيق النقدي‏

الماليخوليا‏

الكابوس‏

الصرع‏

التبويب‏

هذا المعجم صغير الحجم، لاتكاد كلماته تزيد على الآلاف الخمسة(112)، وفيه نحو 350 مدخلاً.‏

ينقسم الكتاب إلى عشرة أبواب، الخمسة الأولى منها تعرّف ألفاظاً طبيّة وفق تصنيف المؤلف: (العلل، الحمّيات، الأعضاء..إلخ) والخمسة الثانية تهم الطبيب والصيدلاني (العلاجات، الأطعمة، أوزان الأدوية..إلخ).‏

وكنّا قد انتهينا من تحقيق(113)هذا الكتاب عام 1984، ونشرنا مقالة عنه في مجلة المجمع بدمشق(114)، وفيها ذكرنا هذه الأبواب(115)، لكنّ لابد من إعادة ذكرها هنا.‏

الباب الأول: في أسامي العلل الحادثة من الفرق إلى القدم.‏

الباب الثاني: في أسامي العلل الحادثة في سطح البدن.‏

الباب الثالث: في أسامي الحميات وتوابعها.‏

الباب الرابع: في أسامي مافي بدن الإنسان من عضو وغيره مما يجري مجراه.‏

الباب الخامس: في أسامي الطبائع ومافي معناها من الألفاظ والحوادث في بدن الإنسان.‏

الباب السادس: في أسامي الأشياء التي تستعمل في العلاجات.‏

الباب السابع: في أسامي الأطعمة والأشربة.‏

الباب الثامن: في أسامي ألفاظ الأقراباذينات.‏

الباب التاسع: في أسامي الأوزان والأكيال.‏

الباب العاشر: في اتّخاذ الأشياء التي لابدّ منها كل يوم.‏

ولابدّ أيضاً من أمرين اثنين:‏

أولهما إعطاء نموذج من هذا المعجم، وقد اخترنا فقرةً من خطبة الكتاب، وعشرةَ مداخل من مطلع الباب الأول، وذلك لإعطاء فكرة سريعة للقارئ.‏

وثانيهما إعطاء فكرة عن طريقتنا في (التحقيق النقدي). وكنّا قد نشرنا(116)تحقيقاً لمصطلحات (أمراض العين) في الكتاب، وذلك في محاولة لتقييم عَمَل المؤلف. كما نشرنا شرحاً لبعض الفقرات المتعلقة بالصيدلة(117)، وأخرى تتعلق بالأمراض العصبيّة(118).‏

من خطبة الكتاب(119)‏

يقول المؤلف:‏

"... وقد أحببت أن ألتقط من بطون الكتب وتضاعيف الكُنّاشات ألفاظاً هي عند أهل الصناعة معروفة، واتخاذ أشياء لابدّ منها في كلّ يوم، ثمّ لاتوجد تلك الأشياء إلاّ متفرقة في كتب شتّى، والطارئ على هذا العلم يحتاج في تحصيلها والوقوف على معانيها إلى تكلّف شديد، ومقاساة تعب كثير. ولعلّ التبرّم بها ومعاناة التعب في طلبها يحمله على نبذها جانباً والإعراض عنها.‏

وأحببت أن أفسّر كلّ لفظة منها تفسيراً مجرّداً، من غير أن أذكر أسبابها وعللها، وأشرحَ اتخاذ كلّ شيء شرحاً كافياً، وأن لا أعدو فيها مذهب أهل هذه الصناعة وإنْ كانت اللغة تحتملُ غيره، وأهل البلدان والأقاليم مختلفون فيه".‏

مطلع الباب الأول(120)‏

1-الصداع: وجع الرأس كلّه.‏

2-والشقيقة: وجع أحد شِقّيه.‏

3-البيضة: صداع ينوب بأدوار فيطلب صاحبه الظلمة والوحدة.‏

4-الدّوار: أن يدور رأس الإنسان إمّا متحركاً وإمّا ساكناً.‏

5-السّدَر: أن يرى إذا قام كأنّه في ظلمة أو ضباب.‏

6-السّبات: إغراق الإنسان في نوم غير طبيعي، فإن تُرِكَ نام وإن حُرِّكَ أو صِيح به انتبه.‏

7-الشّخوص: أن يبقى الإنسان شاخص العين لايطرف ولايميّز، والفرق بينه وبين السّبات أن السّبات مغموض العين والشخوص مفتوح العين.‏

8-السبات السهري: أن ينام تارة ويسهر أخرى.‏

9-السهر: ألاّ ينام البتّة.‏

10-السّرسام: هو ورم أغشية الدماغ.‏

نموذج من التحقيق النقدي‏

نسوق هنا تحقيقنا ثلاث اصطلاحات طبية وهي المداخل التي تحمل الأرقام 13-15 من الباب الأول من الكتاب: (الماليخوليا، الكابوس، الصّرْع).‏

وقد حرصنا على مقارنة ماقاله المؤلف بما قاله أصحاب المعجمات الطبية، وكذلك بما ورد في أهم المؤلفات الطبيّة الأقدم التي صارت مفرداتها أنموذجاً للمصطلحات الطبيّة: (علي بن ربن الطبري الذي أخذ عن حنين)، (وصاحب الذخيرة الذي تأثّر كثيراً بحنين)، (والرازي الذي سار على خطا مصطلحات حنين بن إسحق).‏

ويتّضح للقارئ أننا اقتصرنا على كتب الطب الموسّعة التي ظهرت باكراً (فردوس الحكمة) لعلي بن ربن الطبري، و(الذخيرة في الطب المنحول) لثابت بن قرّة، و(الطب المنصوري) لمحمد بن زكريّا الرازي، وكذلك كتاب (التقسيم والتشجير) للرازي، وهي كلها من القرن الثالث الهجري (=القرن التاسع الميلادي).‏

أما كتب القرن العاشر الميلادي فلم نستعمل منها إلاّ كنّاش الكشكري وكتاب كامل الصناعة الطبيّة (الكتاب الملكي) لعلي بن العبّاس المجوسي.‏

واستعملنا كذلك كتاب القانون لابن سينا لأهميته، وقد ظهر هذا الكتاب بين القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين (الرابع والخامس الهجريين).‏

ومن الكتب التي تندرج تحت تسمية (المعجمات الطبيّة) استعملنا مؤلفات:‏

*الخوارزمي: مفاتيح العلوم.‏

*ابن هندو: مفتاح الطبّ.‏

*السجزي: حقائق أسرار الطبّ.‏

*ابن الحشّاء: مفيد العلوم ومبيد الهموم.‏

*الهروي: بحر الجواهر.‏

*لسان الدين بن الخطيب: الوصول لحفظ الصحّة في الفصول.‏

*القوصوني: قاموس الأطبّاء وناموس الألبّاء.‏

أمّا معجمات اللغة فقد استعملنا منها: التفقية، جمهرة اللغة، الصّحاح، العين، فقه اللغة، لسان العرب، المحيط، المخصّص، ومقاييس اللغة.‏

كما اضطررنا إلى استعمال كتاب التهانوي وكتاب دوزي الشهيرين.‏

وذكرنا بشكل خاصّ تحقيق الزميل عبد العلي الودغيري لكتاب لسان الدين بن الخطيب بعنوان (مفردات ابن الخطيب).‏

الماليخوليا‏

(مرض سوداوي يُضِرُّ بالفكر من غير تعطّل الأفعال السياسيّة كما في الجنون واختلاط العقل. ومن أنواعه: القطرب والرعونة).‏

ورد هذا المصطلح في معظم كتب الطب(121)، وأصله يوناني(122). وقد جاء رسمه مختلفاً(123): ماليخوليا، مالَنْخولِيا، مالِخُونْيَا.‏

وقد لاحظ الوَدْغيري(124)أن المعجمات اللغوية خلت من هذا اللفظ، فحقّ لدوزي أن يستدركه(125).‏

ومن المهم أن نذكر أن المعجمات الطبيّة العربية قد أوردت هذه اللفظة(126).‏

وفي عصر المؤلف سمّى ابن هندو(127)الماليخوليا (الوسواس السوداوي) متأثراً بالمجوسي(128).‏

وقد اعتبر الأطبّاء العرب أن هذا المرض "ضرب من الجنون(129)" وميّزوه من أنواع الجنون الأخرى(130).‏

ويؤكد القَمَري في تعريفه أن المرض يضرّ بالفكر وهذه مقولة شائعة(131).‏

ولهذا المرض أنواع منها: القطرب(132) والرعونة(133).‏

وفي الحقيقة فإن الأطباء العرب لايتفقون في مسألة تصنيف الجنون.‏

الكـــابــوس‏

(أن يحس الإنسان في نومه كأنّ شيئاً ثقيلاً وقع عليه).‏

هذا التعريف أخذه القمري حرفيّاً عن الرّازي(134)، وكذلك فعل ابن هندو(135).‏

وكان المجوسي(136)قد وسّع عبارة الرّازي: "... أو كأنّ إنساناً.. يخنقه"، وهذا الجزء الإضافي اختاره الخوارزمي(137).‏

وبينما استعمل القمري كلمة (شيئاً ثقيلاً)(138)، واستعمل الخوارزمي كلمة (إنساناً ثقيلاً) -وأصلها من المجوسي-، استعمل آخرون(139) (خيالاً ثقيلاً).‏

ومصطلح (الكابوس) معروف منذ القرن التاسع(140).‏

ويحاول الهروي أن يفسّر سبب اختيار هذه الكلمة مصطلحاً: (... وإنما سُمّي به لأن البخارات الغليظة تكبس جرم الدماغ..)(141).‏

ويقول القوصوني: (.. قال بعض أهل اللغة:" ولاأحسبه عربياً.."(142)‏

وكتب القوصوني(143): إن الكابوس سمّي بالعربية: (الجاثوم) أو (النَّيْدُلان)(144).‏

وفي لسان العرب: النّيدِلان وهو الباروك والجاثوم(145). وعند الهروي: الخانق(146) والضاغوط(147).‏

وكلمة (الكابوس) معروفة منذ أيام الخليل(148).‏

الصَّرْع‏

(أن يخرّ الإنسان ويفقد العقل، ويلتوي على نفسه ضروب الالتواء، وتتعوّج أعضاؤه، وربما أزبد أو بال أو أنجى أو قذف المني، ثم يفيق ويرجع إلى حاله).‏

الطبري(149): سقط، خرّ، تزبّد فمه.‏

الرازي(150): خرّ، التوى، أزبد، أنجى، أمنى.‏

من الواضح أن القمري ينقل تعريفه لهذه العلّة عن (المنصوري)(151).‏

والصَّرْع كلمة معروفة في العربية بمعنى (السقوط بالأرض)(152)،وعلى ذلك فإن الهروي والقوصوني يفهمان أن هذا الداء سُمي (باسم عَرَضٍ يلزمه وهو السقوط)(153).‏

ولم تذكر المعجمات القديمة(154)المعنى الطبيّ الاصطلاحي لكلمة (الصَّرْع)، ولكنّ المعجمات الحديثة(155)أوردتها بهذا المعنى: (علّة).‏

وقد عرف العرب الكلمة اليونانية: افلبسيا(156)، ابيلمسيا(157)، وسمّو هذا المرض أيضاً (بالمرض الكاهني)(158).‏

ولكن مصطلح (الصَّرْع) كان مسيطراً منذ أن ترجم العرب أعمال المؤلفين الإغريق(159).‏

ولايزال المصطلح اليوناني حيّاً(160).‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أقدم المعجمات الطبيّة العربية ـــ د.نشأت الحمارنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المعجمات العربية نشأتها وأطوار التأليف فيها ـــ أ.د.عبد الحفيظ السطلي
» المعاجم العربية ومدارسها.
» من الفرق المنحرفة.القومية العربية
» الفعلية في العربية - الجزء الأول
» الفعلية في العربية - الجزء الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات متيجة :: دراسات ادبية ولغوية :: الدراسات التراثية :: معجميات-
انتقل الى: