منتديات متيجة
يشرفنا نحن ادارة منتدى متيجة ان نرحب بك زائرنا العزيز في المنتدى ونرجوا منك ان تشرفنا بتسجيلك معنا لتفيدة وتستفيد
منتديات متيجة
يشرفنا نحن ادارة منتدى متيجة ان نرحب بك زائرنا العزيز في المنتدى ونرجوا منك ان تشرفنا بتسجيلك معنا لتفيدة وتستفيد
منتديات متيجة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى متيجة هو منتدى ترفيهي علمي بامتياز هنا تجد كل ما تريده من تطبيقات و سريالات و العاب و فتاوة في الشريعة الاسلامية و تفسير القران و كل ما نستطيع توفيره من كتب علمية .ادبية .انسانية. وعلوم شرعية .بحوث الخ. ويوجد منتدى للفيديو يوتوب ونكت ..الخ وحتى الان
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الدرس النحوي في الخطاب اللساني المعاصر ج3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نائب المدير
الادارة العامة
الادارة العامة
نائب المدير


عدد المساهمات : 2120
نقاط : 7058
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 06/04/2010

الدرس النحوي في الخطاب اللساني المعاصر ج3 Empty
مُساهمةموضوع: الدرس النحوي في الخطاب اللساني المعاصر ج3   الدرس النحوي في الخطاب اللساني المعاصر ج3 Emptyالخميس يونيو 24, 2010 4:45 pm

[size=18] ـ مـفـهـوم الـنـحـو وأبـعـاده الـدراسـيـة :
إذا كان اللغويون العرب المعاصرون قد فتنوا بدعوى الموضوعية في الدرس الحديث وراحوا ينعتون القدماء بالمعيارية والمنطقية والنقص المعطياتي واللاعلمية ، فإن المجال الحقيقي لبروز محاولاتهم التجديدية هو مفهوم النحو وتحديد مجاله الدراسي . وقد عزف العديد من الباحثين عن وضع تعريف جامع لعلم النحو اقتداء بأئمة النحو الأوائل أمثال : سيبويه و المبرد و الزجاج...حيث عمدوا مباشرة إلى عرض المباحث النحوية وفق رؤاهم التجديدية التي تخلص النحو من كل الشوائب المأخوذة عليه37. لكن المعمول به في أغلب الدراسات والمصنفات الحديثة هو توضيح المراد بالنحو بغية معرفة مجاله ووظيفته وتمييزا له عن باقي أصناف علوم اللسان العربي.
ومن خلال مجمل الحدود المعاصرة للنحو نستطيع ـ في قراءة موجزة ـ أن نستشف حضور أربعة أبعاد يرام وجودها في الآلة الدراسية المسماة 'نحو': البعد الوظيفي ، والبعد الدلالي ، والبعد الوصفي ، والبعد النظري/التوليدي . والحدود بين هذه الأبعاد ليست إلزامية ، فقد نجد ضمن نفس التعريف أكثر من بعد ، كما نجد نفس البعد شاملا لتعاريف عدة . لكن هذه الأبعاد تشكل في حد ذاتها آفاقا للبحث النحوي المقصود ، مستبعدين الآراء الاجترارية التي تعيد كلام القدماء .
أ ـ الـبـعـد الـوظـيـفـي : اتخذ العديد من الدارسين من فكرة تعقيد النحو وغموض لغته مبدأ محوريا بنوا عليه أعمالهم ونماذجهم المقترحة من أجل تبسيط النحو العربي . ومادام الهدف التعليمي هو الحاضر بقوة في كل تصور لوظيفة النحو ، فإن صعوبته تنسب دوما إلى نظام قواعده. يقول سلامة موسى :" الواقع الذي لا أناقش فيه أن اللغة العربية يشق على الطالب تعلمها و طلبتنا مكدودون في المدارس يكدحون لفهم المئات من قواعدها ويخرجون بعد ذلك منها وهم يكرهونها "38.
وفقا لهذا التصور سارت مجموعة من الأبحاث في طريق استبعاد كل مظاهر الصعوبة والغموض التي تواجه متعلمي العربية. لذا يميز إبراهيم مصطفى في محاولته الإحيائية بين صنفين من القواعد في متون النحو العربي : صنف لا تجد في تعليمه عسرا ولا في التزامه عناء كأحكام العدد ، ونوع آخر كثر فيه خلاف النحاة ويعسر درسه كرفع الاسم أو نصبه 39. و للخروج من الجدالات النحوية ومن الغموض التعليمي يقدم لنا إبراهيم مصطفى نموذجا للنحو الوظيفي . حيث ينعت النحاة بوقوفهم عند الشكل الظاهري وإهمال صلة العلامات الإعرابية بالمعنى . لذا يرشدنا إلى الطريق الصحيح الذي هو أن " ندرس علامات الإعراب على أنها دوال على معان وأن نبحث في ثنايا الكلام عما تشير إليه كل علامة منها"40. وخلص إلى أن "الرفع علم الإسناد ودليل أن الكلمة يتحدث عنها . إن الجر علم الإضافة سواء أكانت بحرف أم بغير حرف . إن الفتحة ليست بعلم على إعراب ولكنها الحركة الخفيفة المستحبة التي يحب العرب أن يختموا بها كلماتهم مالم يلفتهم عنها لافت ، فهي بمنزلة السكون في لغتنا الدارجة . إن علامات الإعراب في الإسم لاتخرج عن هذا إلا في بناء أو نوع من الإتباع وقد بيناه "41. على هذا المنوال الوظيفي يؤسس صاحبنا لمشروع النحو العربي الجديد بعيدا عن ضيق الإعراب وتفسيرات النحاة العقلية . فيعرف النحو بأنه : " قانون تأليف الكلام وبيان لكل ما يجب أن تكون عليه الكلمة في الجملة و الجملة مع الجمل حتى تتسق العبارة و يمكن أن تؤدي معناها "42. ومن ثم ، تناول بالدرس والتحليل قضايا بناء الجملة مخلصا إياها من التأويلات النحوية والخلافات المذهبية ، ومركزا بالأساس على دلالاتها الوظيفية حتى يسهل تعلمها للمتكلم العربي . وإذا كانت محاولة إبراهيم مصطفى تتسم بنوع من الجرأة والشمولية في طرح مناهج النحاة للنقد و التمحيص ، فإن القرن الحالي قد شهد العديد من المحاولات الوظيفية التي تحاول تقريب النحو من أذهان المتعلمين جمع جلها عبد الوارث مبروك سعيد في "في إصلاح النحو العربي ". والجامع المشترك بين كل هذه المحاولات يتخلص ـ إلى جانب الهدف التعليمي ـ في اعتبار التراث النحوي لا يقدم وصفا صالحا للعربية من حيث تفسير نظامها و شرح خصائصها.
ب ـ البعد الوصفي / البنيوي : ارتباطا مع البعد السابق يقوم البعد الوصفي ، الذي يستمد أسسه من اللسانيات البنيوية ، على ضرورة أن يتسم النحو بالآلية الوصفية المقاربة للمظاهر الصوتية والتركيبية والدلالية في اللغة دون النفاذ إلى دهاليز التفسير والتعليل..يقول تمام حسان : " اللغة إذا موضوع من موضوعات الوصف كالتشريح لا مجموعة من القواعد كالقانون...الباحث في تشريح اللغة ، والمقصود هنا تحليلها تحليلا دراسيا ، لا ينبغي أن يعبر عن موقفه من موضوعه بالنص على ما يجوز وما لا يجوز.وهم اللغوي لهذا السبب أن يصف الحقائق لا أن يفرض القواعد"43. واعتمادا على مبادىء الثورة التي احدثتها اللسانيات الوصفية في قراءتها للنحو التقليدي بنى اللسانيون العرب دراساتهم على التمييز الضروري بين اللغة العربية كمعطيات والنحو العربي كآلة واصفة ، حيث عابوا على هذه الأخيرة هيكلة منهجها على أسس عقلية بحتة. وسواء تأثر النحو العربي بمنطق أرسطو أم لا ، فإنه صاغ مختلف قضاياه على اعتبارات تفسيرية لا وصفية ، والتي تجمع عادة في أبواب ثلاثة : باب القياس ، باب التعليل ، باب العامل . وقد شكل ظهور كتاب "الرد على النحاة" لابن مضاء القرطبي سندا تراثيا للباحثين عن تخليص النحو العربي من كل شوائب التعقيد . وكما يصرح بذلك محقق الكتاب : " والحق أن ابن مضاء يفتح أمامنا الأبواب لكي ندرك ما كنا ننشده من تيسير النحو وتذليل صعوباته ومشاكله"44. وقد حظي هذا الكتاب بأهمية ما فتئت تتعاظم عند كل الباحثين الوصفيين ، بل قد نجزم بأنها العامل الأساس الذي دفع العديد منهم إلى بناء نموذج نحوي عربي اللغة ، وصفي المنهج ، باستبعاد كل مظاهر العقل النحوي التي أبعدها ابن مضاء وخاصة قضايا: التعليل والقياس والعمل والتقديرات الموغلة ، والتمارين غير العملية. هذه الصرخة من عمق التراث كانت كافية لأصحاب النحو الجديد ليعطوا مقترحاتهم الوصفية . حيث نجد الدكتور شوقي ضيف يقتبس من ابن مضاء جهوده ليبني نموذجا تجديديا يقوم على إعادة تنسيق أبواب النحو وبلورة أفكار ابن مضاء من خلال استبعاد كل القضايا غير العملية والتي لا تنفع المتعلم العربي45.
ويميز الدكتور المهيري بين صنفين / مستويين في الدرس النحوي العربي 46:
- مستوى التأصيل الذي هو مستوى تفسيري نظري مبني على التأويل والاعتراض .
- مستوى التقعيد الذي هو عبارة عن ضوابط استعمالية وذو صبغة عملية يمكن التدليل عليه بما يوفره الاستعمال والأمثلة البادية للعيان.
لذا فالنحو ينبغي أن يركز على جانب التقعيد دون الانكباب على قضايا التأصيل التي تبدو عديمة الفائدة بالنسبة للمتكلم العربي.
اعتمادا على التصور الوصفي حدد مجال النحو في المظاهر التركيبية الظاهرية . يقول محمود عبد السلام : "واللغويون المحدثون يذهبون إلى أن النحو هو الدراسة الأفقية للغة. بمعنى أن كلمات اللغة حين تتجاور لتشكل تراكيب تظهر في صورة أفقية على النحوي أن يكتشف أن العلاقات النحوية المختلفة التي تربط بين كلماتها"47.
وفي نفس الإطار يقول مهدي مخزومي في محاولته التجديدية لقواعد النحو العربي : " التأليف موضوع الدرس النحوي ، لأن النحو لا يعنى بالصوت وما يتعلق به من ظواهر لغوية ولا بالكلمة المفردة وما يتعلق بها،وإنما يعنى بالكلمات المؤلفة مع غيرها في عبارة أو جملة"48. وهكذا بعد إبعاد كل المظاهر المنطقية والعقلية التي ملأت بطون الكتب النحوية ، تصبح دراسة النـحو هي: "دراسة مجموعة الطرق المتبعة في وصف الكلمات"49، من خلال وصف العلاقات التركيبية التي تربط بينها ، دون ولوج متاهات التفسير والتاويل .

ج ـ البعد الدلالي /المعنوي : لقد كان من أهم المؤاخذات التي ألصقت بالدرس النحوي من طرف الباحثين صفة ' الشكلية '. والتي تعني ـ من ضمن ما تعنيه ـ الاهتمام بمظاهر لفظية بحتة دون الاهتمام بقضايا الدلالة. وبتعبير مصطفى إبراهيم : "إنهم ـ أي النحاة ـ رسموا للنحو طريقا لفظية"50. فالاعتقاد الراسخ هو توجه البحث النحوي في عمومه إلى مبنى الجملة دون معناها، حيث كان التركيز على الجانب التحليلي دون الجانب المعنوي ، سواء في مستواه الوظيفي كالإثبات والنفي والشرط...أو في مستواه المقامي السياقي51. وبما أن كتابات النحاة خالية من كل هذه المعاني، فقد لجأ الدارسون المعاصرون إلى الاستفادة من علمي الأصول والبلاغة في بناء آلة واصفة تستحضر اللفظ والمعنى معا. وهذا يعني توسيع مجال الدراسة النحوية لتدخل فيها المعاني السياقية والمقامية . لذا نجد شيخ اللسانيين المعاصرين تمام حسان يميز بين ثلاثة أنظمة تتكون منها اللغة : النظام الصوتي والنظام الصرفي والنظام النحوي." لأن دراسة العلاقة بين الصوت والصوت هي علم التشكيل الصوتي ، ودراسة العلاقة بين الصيغة والصيغة هي علم الصرف ، ودراسة العلاقة بين الباب والباب هي علم النحو "52. وبهذا ، فالنحو لم يعد مهتما بمظاهر الإعراب الشكلية، بل أصبح يتعداه إلى ما هو أوسع ، أي ما سماه صاحبنا : التعليق . حيث يقوم النظام النحوي في العربية على الأسس التالية 53:
1 - مجموعة من المعاني النحوية : عامة (معاني الجمل أو الأساليب) وخاصة ( معاني الأبواب كالفاعلية والمفعولية...)
2 – مجموعة من العلاقات الرابطة بين معاني الأبواب مثل علاقة الإسناد أو النسبة أو التبعية، وهي قرائن معنوية تدل على معاني الأبواب.
3 - مجموعة من القرائن الصوتية كالحركات و الحروف ،أو الصرفية مثل مباني التصريف والتقسيم أو مجموعة من القيم الخلافية.
إذن ، فتصور المؤلف للنظام النحوي يقوم على فكرة مركزية هي التعليق. " إن التعليق هو الفكرة المحورية في النحو العربي.و هو الإطار الضروري للتحليل النحوي "54. وقد انطلق في ذلك من محاولة الجرجاني في تفسير العلاقات السياقية مقتبسا منه مصطلحي : التعليق والمعاني النحوية 55. وقد أصبح النحو بهذا ذا بعد دلالي واسع غير منحصر في ترتيبات شكلية لفظية ، كما رسم النحاة القدامى ، بل أصبح يهتم بكل أصناف الترتيبات اللفظية والدلالية . وقد دفعت هذه المحاولة ، الرائدة بحق في الكتابات المعاصرة ، العديد من الباحثين إلى القياس عليها والبحث عن مواطن الدلالة في البحث النحوي أو ما يسميه بعضهم بروح التركيب المستمد من المعنى ونسبة ما بين العناصر الخارجية 56.
د ـ البعد النظري/ التوليدي : إذا كان هدف المحاولات السابقة هو إصلاح النحو العربي مما شابه من أخطاء و نقائص ،فإن هدف رواد التوليدية العرب هو خلق نحو جديد واصف للعربية اعتمادا على مبدإ تطوري أساسي: " فمهما كانت قيمة الأنحاء التي وضعها القدماء أو المحدثون لهذه اللغة أو لغيرها ،فإن هناك حاجة إلى إعادة بناء أنحاء أخرى ،أي آلات أخرى، وتتنبأ بها علاوة على أنها لا تحمل بنفس الجهاز المفاهيمي أو النظري"57 . وفي ظل السؤال المحوري للمشروع التوليدي المتعلق بمعرفة اللغة ، يميز بين معرفة اللغة الخاصة و بين الحالة الذهنية المشتركة بين جميع الكائنات . إذ إن " معرفة لغة ما يرصدها نحو توليدي خاص أو نظرية لحالة الذهن / الدماغ في مرحلة معينة. و أما النحو الكلي فهو نظرية للحالة الأولى، أو هو جهاز اكتساب اللغة الذي يتفاعل مع تجربة محدودة للوصول إلى لغة معينة "58 . لذا فكل دراسة لسانية تتوخى أمرين اثنين:
ـ رصد مظاهر الملكة اللغوية العامة .
ـ رصد الفروق النسقية بين اللغات التي تمثل تجسيدا للملكة الخاصة المكتسبة .
وهكذا انطلقت المحاولات العربية ،إستنادا إلى التطبيقات الأخرى على اللغات المختلفة ، تبحث في مظاهر القدرة العربية مطبقة القواعد الكلية التي ابتدعتها النماذج التحويلية . وكل باحث يتغنى بنموذجه و كفايته التحليلية . حيث تختلف الإطارات المنهجية من باحث إلى آخر. فنجد الفاسي الفهري يتبنى منهج القواعد الوظيفية والمعجمية الذي وضعته الباحثة الأمريكية برزنن ويحاول تطبيقه على العربية 59. ويحاول مرتضى باقر تطبيق نظرية عالم الدلاليات جاكندوف على التراكيب العربية60. في حين يأخذ مازن الوعر بالإطار المنهجي للنظرية الدلالية التوليدية التي أسسها اللساني الأمريكي كوك61. ولعل تعدد هذه النماذج المقترح تطبيقها على العربية هو الذي جعل الوصف اللساني غير مستقر على صيغة معينة. لأن العمل اللساني العربي قد حصر نفسه في دائرة تطبيق القواعد الكلية الممثلة للملكة اللغوية العامة على الملكة العربية الخاصة. وهذا على الأقل هو ما عبر عنه أحد شيوخهم : " نهدف من خلال هذا العمل إلى وصف اللغة العربية الحالية وصفا كافيا يمكن من بناء نظرية للغة العربية أو نحو يمثل الـملكة الباطنية لمتكلم هذه اللغة ومستعملها"62. لكن ما النحو الذي يراد هنا ؟.لن يكون المقصود بالنحو هنا إلا المفهوم الشومسكاوي الذي سبق أن أوضحناه باعتباره نسقا من القواعد التركيبية والصرفية والصوتية والدلالية . ومن ثم ، فالحديث عن نحو للعربية هو حديث عن نسق عربي من القواعد المختزنة في قدرة المتكلم العربي ، والتي لا تختلف في شموليتها عن قدرات الأناس الآخرين . لذا عمل المشروع التوليدي المعرب ، من خلال النمذجة والصورنة على معالجة مستويات الدرس اللغوي من خلال مكونات النحو التمثيلية ، بحثا عن الأسس الكلية و السمات الخاصة في لغة الضاد.

وخلاصة القول ، فقد ظلت النماذج اللسانية المقترحة لوصف اللغة العربية تعاني من غياب رؤية واضحة للتعامل مع التراث اللساني العربي . فباستثناء بعض المحاولات الجريئة الداعية لخلق نموذج لساني عربي الرافد مع الاستفادة من الأطروحات الغربية 63، فإن الغائب الأكبر في كل المحاولات هو معالجة اللسان العربي من خلال استكناه أصول النظر النحوي القديم. إذ نتحدث عادة عن الأسس المعرفية /الفكرية التي بنيت عليها اللسانيات المعاصرة بمدارسها المختلفة ، في حين نهمل البحث عن ركائز الدرس النحوي المعرفية . وبما أن استيعاب النماذج في أصولها ومساءلة أبعادها الإيبستمولوجية هو وحده السبيل إلى إغناء معرفتنا بأنفسنا ومعرفتنا بالآخر ، فما يأتينا ليس مجرد مفاهيم عارية من أي غطاء حضاري ، بل هي نماذج معرفية تخفي داخلها نمط الحياة وإنتاج القيم . وبتغييب هذه المفاهيم الثاوية ستظل قراءتنا لعمل الخليل والجرجاني والرازي ... وغيرهم ، قراءة ظاهرية تقف عند النتائج دون أن تنفذ إلى الأسس الثاوية وراء القول التراثي . و لذا نجد أن تعامل الدارسين المعاصرين مع المخزون النحوي القديم كان عبر آليتين متلازمتين:
ـ آلية الإنتقاء تختار بموجبها الشواهد النحوية من متون الأقدمين لتعضد النموذج اللساني المعاصر وطريقته في معالجة اللغة العربية . ومن خلال هذه الآلية يصبح النحو العربي'منجما شواهديا' أكثر منه معالجة علمية للغة طبيعية. واستدلالا على هذا يكفي مطالعة إنتاجات الوصفيين العرب أمثال تمام حسان وإبراهيم مصطفى... وغيرهما في انتقاء الآراء المؤيدة لتصورهم من عمق التراث ، حيث أصبح الجرجاني وابن مضاء رموزا مضيئة في "ظلمة" العقلية النحوية.
ـ آلية الإسقاط المفاهيمي حيث تحاول الدراسات المعاصرة إعادة إنتاج النحو القديم بمفاهيم وقوالب لسانية حديثة ، أي تبرير المعالجة الحديثة من خلال القديم . وهذا يبرز من خلال المحاولة التي قدمها عبده الراجحي في بحثه عن الأسس اللسانية للنحو العربي، حيث أحصى الجوانب الوصفية في الكتابات النحوية، ثم أعقبها بإبراز المظاهر التحويلية داخلها. وعلى هذا المنوال سارت العديد من الكتابات الحديثة نذكر منها : "الأنماط التحويلية في النحو العربي" لحماسة عبد اللطيف ، و"نظرية النحو العربي في ضوء مناهج النظر اللغوي الحديث" لنهاد الموسى، و"الفكر اللساني في الحضارة العربية " لعبد السلام المسدي...وتشترك هذه الأبحاث في كونها تعيد إنتاج قول قديم بنظر معاصر، مما يعيق التواصل مع التراث النحوي القديم. و لعل أبرز مظاهر التعامل الإنتقائي / الإسقاطي مع الخطاب التراثي هو مجال النحو وحدوده العلمية والمعرفية. حيث ركزت كل الأقلام على أربعة أبعاد غابت في نصوص البحث القديم : النظري والوصفي والدلالي و الوظيفي ، دون أن تسائل النصوص التراثية عن الأسس الفكرية المنتجة لها .أو بمعنى آخر ، فقد ظل رهان كل اللسانيين العرب هو إثبات مشروعية اللسانيات العربية ، وكانت قراءتهم للتراث لا تعدو خدمة هذا المشروع . لذا لم يكن ممكنا الوقوف عند أصول المعرفة النحوية آنئذ، لكن الوقت حان لاستكشاف هذه الأصول حتى نتبين مدى المسافة التي تفصل الآلة الواصفة عن معطيات الدراسة. إذ إن كل الخطابات اللسانية لم تستطع أن تبلغ عمق النظر النحوي وإنما ظلت محصورة في الحديث النحوي الذي ليس إلا نتيجة نهائية لأسس معرفية و منهجية قائمة . والسبيل للوصول إلى ذلك هو مراجعة الأسئلة التي شغلت بال علماء السلف التي تختلف جذريا عن أسئلة اللسانيات المعاصرة، حتى لا يغدو الحديث عن لسانيات عربية معاصرة وهم من الأوهام "البيكونية"

فؤاد بوعلي[/size
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدرس النحوي في الخطاب اللساني المعاصر ج3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الخطاب الأدبي/عناصر الخطاب السردي عند الطيب صالح
» حالة الاعلام المعاصر
» خصائص الدليل اللساني حسب ديسوسر فيرديناند
» دروس مختصرة في علم العَروض - للمبتدئين .
» النظام النحوي للغة العربية بين الاستعمال اللغوي والمنطق العقلي - أ.د. حسن منديل حسن العكيلي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات متيجة :: دراسات ادبية ولغوية :: الدراسات التراثية :: نحو و صرف-
انتقل الى: