علاقة علم اللغة العام
بعلم اللغة التطبيقي وعلم اللغة النفسي وعلم اللغة الاجتماعي1
ينهض علم اللغة على دعامتين:
1) نظرية لغوية.
2) ووصف لغوي
يتقاسم علم اللغة نظريتان ومنهجان:
1) البنيوية.
2) التوليدية
وهناك علوم لغوية فرعية ظهرت مع تطور علم اللغة الحديث، منها علم اللغة التطبيقي.
فما معنى علم اللغة التطبيقي؟
- تطبيق نتائج الدراسة اللغوية.
- عمره لا يتجاوز أربعين عاما.
- ظهر مصطلح "علم اللغة التطبيقي" في الجامعات البريطانية سنة 1946م
- أما معناه فينظر إليه من جهتين: مجالاته والمصطلح الذي استقر عليه:
1) مجالاته: تعلم اللغة الأولى وتعليمها، وتعليم اللغة الأجنبية، التعدد اللغوي، التخطيط اللغوي، علم اللغة الاجتماعي، علم اللغة النفسي، علاج أمراض الكلام، الترجمة، المعجم، علم اللغة التقابلي، علم اللغة الحاسوبي، أنظمة الكتابة … ولكل من هذه المجالات مشكلة يعالجها… وبعضها استقل ليصبح علما قائما بذاته.
- يغلب على علم اللغة التطبيقي مجال تعليم اللغة، سواء لأبنائها أو لغيرهم، أي اللغة الأم أو اللغة الأجنبية، مع تغليب هذه الأخيرة.
- وبما أنه مكون من مصطلحين: علم اللغة، وتطبيقي، فقد ظن البعض أنه مجرد تطبيق لنتائج علم اللغة، وهذا غير صحيح.
- يرى الكثيرون أن المصطلح نفسه (علم اللغة التطبيقي) غائم وغير دقيق.
2) طبيعته، وحدوده ومجالاته؟
- يرى البعض أنه علم مستقل وله إطاره المعرفي الخاص به، وله منهج ينبع من داخله، فهو إذن في حاجة إلى نظرية خاصة به.
- يرى البعض أنه علم وسيط بين العلوم التي تعالج النشاط اللغوي الإنساني، مثل علوم اللغة وعلم النفس والاجتماع والتربية.
- إذن له قاعدة علمية يأخذها من هذه العلوم كلها.
- يعرفه أحد الخبراء في هذا المجال بأنه: "استعمال ما توافر لدينا عن طبيعة اللغة من أجل تحسين كفاءة عمل عملي ما تكون اللغة العنصر الأساسي فيه".
- إنه ميدان علمي تعليمي في آن واحد.
- له أهداف سياسية ترتبط بسياسة الدول، كما هو الحال في بعض الدول التي تتعدد فيها اللغات، فتضطر إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية:
أتدرس اللغات الأجنبية؟
وأية لغة؟
وما الميزانية لتنفيذ ذلك؟
- ثم تأتي الأسئلة الأخرى من قبيل:
ما الأهداف من تعليم لغة معينة ؟
وإلى من نقدم هذه اللغة ؟
وما المدة اللازمة لتعليمها ؟
- يأتي في المستوى الثالث ما يجري في حجرة الدرس، العملية التعليمية نفسها، والمقصود بها غالبا تعليم اللغة الأجنبية، إلى جانب تعليم اللغة الأم.
مصادر علم اللغة التطبيقي:
- تعليم اللغة مشكلة يبحث لها علم اللغة التطبيقي عن حل، وهذا الأخير لا يوجد في مصدر واحد، وهذه المصادر هي:
1) علم اللغة، 2) علم اللغة النفسي، 3) علم اللغة الاجتماعي، 4) علم التربية
أولا: علم اللغة:
- ليس علم اللغة المقابل النظري لعلم اللغة التطبيقي.
- إنه العلم الذي يدرس اللغة وفق نظرية لغوية ووصف لظواهر اللغة.
- علم اللغة ذو طابع تجريدي، يدرس اللغة لذاتها وفي ذاتها
- التجريد أدى إلى التعميم، وعزل اللغة عن سياقها، وانتهى إلى معادلات رياضية
- علم اللغة يبعد الكثير من القضايا المتصلة بالإنسان: الاكتساب اللغوي، ودور اللغة في المجتمع.
- علم اللغة وصفي وليس معياريا: الشيء بما هو عليه وليس بما ينبغي أن يكون عليه
- النحو العربي نحو معياري (حسب البعض).
- علم اللغة تفرع إلى نظريتين:
الأولى: النظرية البنيوية
- تدرس الظواهر الملموسة على أساس سلوكي: المثير والاستجابة
- البنيوية استقرائية: من جمع المادة إلى القاعدة.
الثانية: النظرية التوليدية التحويلية (صاحبها ناعوم تشومسكي)، وهي في رأيه:
- اللغة أكبر نشاط يقوم به الإنسان، بل هي الخصيصة الأولى للإنسان.
- يجب الوصول إلى طبيعة هذه الخصيصة عن طريق القدرات الكامنة في الإنسان التي تظهر على السطح.
- دراسة الكفاية اللغوية (الإنسان يملك قدرة فطرية على التكلم)
- الكفاية واحدة عند جميع الناس
- اللغات تتشابه (الكليات اللغوية)
- اللغة ليست مجرد استجابة بل إبداع
- اللغة تتكون من قواعد محدودة لكنها قادرة على إنتاج ما لا نهاية له من الجمل
- يأتي في الدرجة الثانية الأداء: أي الجانب المتحقق من اللغة
- البنية العميقة والبنية السطحية.
- التوليدية استدلالية عقلية تبدأ بنظرية عن طبيعة اللغة ثم تبدأ في التقعيد
الخلاصة: التوليدية تسير في الاتجاه المعاكس للتيار البنيوي
ثانيا: علم اللغة النفسي:
- مجاله السلوك اللغوي للفرد ومحوراه الأساسيان هما: الاكتساب اللغوي والأداء اللغوي تجمعهما الأنظمة المعرفية عند الإنسان.
- الاكتساب اللغوي من أهم قضايا العلم المعاصر
- الاكتساب اللغوي يحدث في الطفولة وفي زمن قصير جدا
- يتشابه الأطفال في طريقة اكتسابهم للغة (الفطرة الإنسانية)
- لا يوجد تخطيط مسبق (عند الأبوين) لتلقين الاكتساب اللغوي عند الطفل
- ماذا يحدث "داخل" الطفل حين يتعرض للغة ؟
- هناك علاقة بين الاكتساب اللغوي والتطور البيولوجي لدى الطفل
- هناك اتجاهان في تفسير ظاهرة الاكتساب اللغوي عند الطفل:
الأول: استقرائي
- يتم تجميع الظواهر واستخلاص القواعد منها، أي أن الطفل ينتقل من التجريب (تخزين اللغة) إلى التصنيف فالتجريد والتعميم.
الثاني: استدلالي:
- توجد لدى الطفل نظرية فطرية عن اللغة مترسخة فيه، تتكون من مفهومات موروثة، أي أنها جاهزة مسبقا، ثم يشرع في تطبيقها على ما يتعرض له من لغة.
- هناك فرق بين اكتساب اللغة وتعلم اللغة:
- الاكتساب يحدث في الطفولة والتعلم في مرحلة متأخرة.
- أما الأداء فهو المجال الثاني لعلم اللغة النفسي: كيف يؤدي الإنسان الفرد لغته؟ وما العمليات التي تكمن وراء ذلك ؟
- وهو على ضربين:
1) أداء إنتاجي أو نشط أو فاعل، أي حين ينتج الإنسان اللغة: الكلام أو الكتابة
2) وأداء استقبالي، أو الأداء السلبي، وهو حين يستقبل الإنسان اللغة أو يقرأها
- يكاد العلم يتوجه اليوم إلى الأداء الاستقبالي للغة: ماذا يحدث بالضبط عندما يستقبل الإنسان لغة ما ؟ هل يراجعها على قوائم مخزونة لديه (أصوات ومفردات وجمل) أم أن لديه مخزونا نظريا آخر يمثل قواعد كلية عامة يجري على أساسها العمليات اللغوية ؟
- يدخل ضمن الأداء دراسة الأخطاء: إنتاجية واستقبالية مع البحث عن العوامل النفسية التي أدت إلى ارتكابها.
- هكذا سيكون علم اللغة التطبيقي علما يدرس السلوك اللغوي عند الإنسان، وهو يدرسه من وجهتين: سلوكية أي مراقبة السلوك اللغوي عند الإنسان، وعقلية، بحجة أن السلوك اللغوي عند الإنسان أكثر تعقيدا، ويجب وضع الكثير من الافتراضات لفهمه.
ثالثا: علم اللغة الاجتماعي:
- اللغة ظاهرة تتحقق في مجتمع، أي دراسة الظاهرة اللغوية حين يكون هناك تفاعل لغوي بين متكلم ومستمع على الأقل، وموقف لغوي يحدث فيه الكلام وتتوزع فيه الأدوار والوظائف وفق قواعد متعارف عليها داخل المجتمع.
- ومن الجوانب الوثيقة الصلة بتعليم اللغة من وجهة نظر هذا العلم:
1) اللغة والثقافة، والمقصود بها أنظمة التقاليد والعادات والأفعال وردود الأفعال، فاللغة هي المميز الأهم عن ثقافة المجتمع. إن تعليم اللغة يراعي خصوصيات المجتمع، سواء لأبنائها أو لغيرهم.
2) المجتمع الكلامي: والمقصود به الاتفاق اللغوي مع تعدد الثقافات، كما هو الشأن في اللغة الإنجليزية التي تعد اللغة الرسمية للعديد من الدول مع تنوع في الثقافات، والأمر نفسه يسري على المجتمعات العربية
3) اللغة والاتصال: الاهتمام بأنواع الاتصال المختلفة التي يطبقها كل مجتمع بطريقته الخاصة، ودراسة تأثير ذلك على تعليم اللغة.
4) الأحداث الكلامية: اللغة حدث يجري وفق ضوابط اجتماعية محددة، والمقصود به مراعاة المقام الذي تتم فيه عملية التخاطب بين المتكلمين، فلكل مقام مقال.
5) الوظائف اللغوية: الرسالة التي تجري داخل الحدث الكلامي تؤدي وظيفة معينة، وهناك وظائف عامة وأخرى خاصة بكل لغة، لأنها تعبر عن نظام ثقافي خاص بالمجتمع، ومنها الوظائف الآتية: التوجيه والإحالة والإبلاغ والمجاملة وهي مختلفة عن بعضها البعض. كما أن لغة التحية والشكر تختلف من مجتمع إلى آخر.
6) التنوع اللغوي: والمقصود به الاختلاف بين اللغات مثل اللهجة والفصحى، وداخل كل منهما لغات مهنية تحدد مصطلحاتها المهنة التي توظف فيها.
رابعا: علم التربية:
- يتولى علم التربية الإجابة على سؤالين، هما: ماذا نعلم من اللغة ؟ وكيف نعلمه ؟
- السؤال الأول يتعلق بالمحتوى، والثاني يتعلق بالطريقة.
- الجواب عن السؤال الأول يتولاه علم اللغة وعلم اللغة الاجتماعي وعلم اللغة النفسي في بعض الجوانب،
- أما الجواب عن السؤال الثاني فيتولاه علم التربية، وفي بعض جوانبه علم اللغة النفسي.
- من الأمور التي تتعلق بهذا المجال:
1) نظرية التعلم، وهذا الأخير يأتي بعد الاكتساب، ويتناوله منهجان: منهج سلوكي يركز على بداية التعلم، أي من البيئة، ومنهج عقلي يركز على الجانب الفطري في اللغة، أي أن الإنسان مزود بآلية تقوم بتحقيق الافتراضات اللغوية الفطرية لديه، فيقوم بقياسات قد تكون أحيانا خاطئة: أحمر (يؤنث على) أحمرة … ولا علاقة للعوامل الخارجية في تعلم اللغة. يهدف الاتجاه السلوكي إلى ترسيخ العادات اللغوية، بينما يهدف الاتجاه العقلاني إلى تقوية القدرات اللغوية الفطرية.
2) خصائص المتعلم: يدرس الفروق اللغوية بين المتعلمين، سواء للغة الأم أو للغة الأجنبية، وهذه الفروق تتلخص في: العمر والاستعداد للتعلم، والقدرة المعرفية، ومعرفة لغة أجنبية أو أكثر، وشخصية المتعلم ودافعيته التي تحفزه إلى التعلم.
3) الإجراءات التعليمية: مثل أهداف المقرر وخصائص المتعلمين وهو ما يعرف بالمدخل الإجرائي.
4) الوسائل التعليمية: الهدف منها تطوير المهارات التي تحددها الأهداف، مثل المذياع والتلفاز والمعامل اللغوية والحاسوب والإنترنيت …