" سيّان " : هذه الكلمة مثنى تعرب إعرابه ، وهي التي استغنى بتثنيتها عن تثنية كلمة "سواء "
فلا تقول : "سواءان "، لأن كلمة (سي) المماثلة لها في المعنى ثنيت
وكذلك يقال في : بعض ،جزء ،فكلمة "بعض " لا تثنى للاستغناء عن تثنيتها بتثنية "جزء "
لفظ :/( أما بعد) :
الكلام على "أما" ومعناه :ـ
أما لفظها : فإنها ـ بالفتح ـ وقد تبدل ميمها الأولى ياءً ؛استثقالا للتضعيف ، كقول عمر بن أبي ربيعة :
رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت * فيضحي وأيما بالعشيِّ فيخصر
وأما معناها : فإنها حرف شرط ،وتفصيل ، وتوكيد
أما كونها حرف شرط فيدل له لزوم الفاء بعدها ، كقوله تعالى :
[ فأما الذين ءامنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم]
وقد يستغنى عنها للضرورة ، كما في قوله :
من يفعل الحسنات الله يشكرها * والشرّ بالشرّ عند الله مثلان
ويكثر حذفها مع القول
وأما كونها للتفصيل فهو غالب أحوالها ؛ وقد تأتي لغير تفصيل نحو :
أما زيد فمنطلق .
وفائدة" أما" في الكلام أن تعطيه فضل توكيد ، تقول : زيد ذاهب ، فإذا قصدت توكيد ذلك ، وأنه لا محلة ذاهب ، وأنه بصدد الذهاب ، وأنه منه عزيمة قلت : أما زيد فذاهب ، ولذلك قال سيبويه في تفسيره : مهما يكن من شيء ، فزيد ذاهب .
وهذا التفسير مدلٍ بفائدتين :
بيان كونه توكيدا ، وأنه في معنى الشرط .
والكلام على : " بعد "
قال الفيومي : " بعد " ظرف مبهم لا يفهم معناه إلا بالإضافة لغيره ، وهو زمان مُتراخٍ عن السابق ، فإن قرُب منه قيل : قُبيل بالتصغير ، أي قريبا منه ، ويسمى تصغير التقريب وهو من الأسماء الملازمة للإضافة التي بينها ابن مالك في الخلاصة بقوله :
واضمـم بنـاءً" غيراً " إن عدمـت ما * لـه أضيـف ناويـا مــا عـدمـا
"قبل" كـ"غيرُ" "بعدُ" "حسْبُ" "أولُ"* ودون والجهات أيضا و"علُ"
قال أبو جعفر النحاس عن سيبويه : "أما بعد" :مهما يكن من شيء بعد ،وقال الزجاج : إذا كان الرجل في حديث فأراد أن يأتي بغيره قال : أما بعد .
وأجاز الفرّاء "أما بعد اً" بالنصب والتنوين ، و"أما بعدُ" بالرفع والتنوين ،وأجاز ابن هشام "أما بعدَ" بفتح الدال .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب قال : أما بعد ، وقد عقد الإمام البخاري في "كتاب الجمعة " من "صحيحه" بابا فقال :" باب من قال في الخطبة بعد الثناء : أما بعد " ، فأورد حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ في الكسوف بطوله وحديث عمرو بن تغلب ـ رضي الله عنه ـ في قسمة النبي صلى الله عليه وسلم الفيء ،وحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليلا في المسجد فصلى رجال بصلاته .....وغيرها
قال الحافظ في الفتح :" ويستفاد من الأحاديث أن "أما بعد" لا تختص بالخطب بل تقال أيضا في صدور الرسائل والمصنفات ، ولا اقتصار عليها في إرادة الفصل بين الكلامين ،بل ورد في القرآن في ذلك لفظ [ هذا وإن للطغين لشر مئاب]
وقد كثر استعمال المصنفين لها بلفظ "وبعد" ومنهم من صدر بها كلامه فيقول : أما بعد حمد الله فإن الأمر كذا ولا حجر في ذلك "
وقد تتبع طرق الأحاديث التي وقع فيها " أما بعد" الحافظ عبدالقادر الرّهاوي في خطبة "الأربعين المتباينة" له فأخرجه عن اثنين وثلاثين صحابيا " اهـ ( الفتح)
فتبين مما تقدم من النصوص أن السنة في الخطب والرسائل والمصنفات أن يؤتي بـ"أمابعد" وهذا مما يتساهل فيه كثير من الخطباء وأصحاب الرسائل والكتب فاكتفوا بقولهم :"وبعد" وليس له أصل في السنة ،ومنهم من يقول :"ثم أما بعد" ، بزيادة ثم وهذا أيضا لم يرد ، فالعمل بما ورد في السنة وهو : "أما بعد" هو المتعين .
فائدة :ـ
قال الحافظ : " اختلف في أول من قالها :
فقيل : داود عليه السلام ـ رواه الطبراني مرفوعا من حديث أبي موسى الأشعري وفي إسناده ضعف ، وروى عبد ابن حميد والطبراني عن الشعبي موقوفا أنها فصل الخطاب الذي أعطيه داود عليه السلام ....
وقيل : أول من قالها يعقوب رواه الدار قطني بسند واهٍ في غرائب مالك ، وقيل أول من قالها يعرب بن قحطان ، وقيل كعب بن لؤي أخرجه القاضي أبو أحمد الغساني من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بسند ضعيف وقيل سحبان بن وائل ، وقيل قسّ بن ساعدة ... قال الحافظ : الأولى أشبه ويجمع بينه وبين غيره بأنه بالنسبة إلى الأولية المحضة والبقية بالنسبة إلى العرب خاصة ، ثم يجمع بينها بالنسبة إلى القبائل " اهـ
وقيل : في هذا الجمع نظر ، لأن الجمع فرع عن الصحة وهذه الأقوال لم تصح أصلا ، اللهم إلا أن يراد الجمع على تقدير الصحة ، وأيضا أن كون داود أو يعقوب أول من قالها محل توقف ، إذ لغتهما ليست عربية فليتأمل وجمع بعضهم هذه الأقوال نظما في قوله :
جرى الخُلْفُ "أما بعد" من كان قائلا*لها خمس أقوالٍ وداود أقرب
وكـانت لـه فصل الخطــاب وبعــده *فقسُّ فسحبـان فكـعب فيعرب
ولما أهمل الناظم ذكر يعقوب عليه السلام ذكره بعضهم مع بيان ضعف أسانيدها كلها نظما :
وقد زيد يعقوب النبي عليهم * أسانيدها وهت فليست ترغّب .
فائدة في معاني ( الظن )
*********************
لفظة ( الظن ) تأتي على خمسة أوجه ذكرها ابن الجوزي عن أهل التفسير فقال :
((( - الوجه الأول : بمعنى الشك ومنه قوله تعالى : وإن هم إلاّ يظنون [ البقرة ]
وفي الجاثية : إن نظن إلاّ ظنا وما نحن بمستيقنين
- الوجه الثاني :بمعنى اليقين ومنه قوله تعالى: الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون[ البقرة ]
وفيها أيضاً : قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله
- الوجه الثالث : بمعنى التهمة ومنه قوله تعالى : وما هو على الغيب بظنين أي بمتهم .
- الوجه الرابع : الحسبان ومنه قوله تعالى : ولكن ظننتم أن الله لايعلم كثيراً مما تعملون
وفي الانشقاق : إنه ظن أن لن يحور أي : حسب
- الوجه الخامس : بمعنى الكذب ومنه قوله تعالى :
أن يتبعون إلاّالظن وإن الظن لايغني من الحق شيئاً قاله الفراء ))) ا.هـ
** وقد جمعت كلاً من نوعي الظن ومعانيه وأحكامه نظماً في قولي :
- الـشـكــر لله ثـنــا وحـمــدُ والــذكـــر لـه طـغـى وبـعـــدُ
- فــذي معــان للـظــن أتــت وأحــكـــام وأقــســـام ربـــت
- أردت بها النفع والتسهـيـلا والــرجــز للـحــفــظ سـبـيـلا
- فـأقــول بـســم الله أبـتــدي فـهـو نجـاتي وعلـيـه عمـدتي
- الظـن في شــرعــنـا ظـنان حـــمــده وذمـــه نــوعــــــان
- في مـحكـم أتي بـه التنـزيل وبـه أتـى في السـنـة الـدلــيـل
- لـفــظـه قــد أتى أضــراب مـسـتـيـقــنٌ وراجــحٌ غـــلاب
- ومـرجــوح نهــيـه أتـانـــا بـ (( إياكم )) و (( بعضه )) نهانـا
- ورابـع مـا يـلـي أصـنـافـه شـــك مــسـتــو أطـــرافـــــــه
- وبمعنيّ الكـذب والحسبـان خــامــس وســادس أخــــران
- فـمـا أتـى مـنـه للـيـقـيـــن فــواجــــب الـعـمـل بـالــيـقـيـن
- ومـا أتـى راجـح فـحـكمـه واجـــب للـيـقــيــن مــثـلــــه
- وما أتى للشـك والحسـبـان فــلا يـجــوز دونـمـا رجـحـــان
- والمرجـوح منهما فحـكمـه مـــحــــــرم بـاطـــــــل ظــنــــه
- وبالـعـمـوم حـكـمه مقـسم مــبــــاح واجــــــب مـحـــــــرم
- وهـو معـنى لليـقـيـن لفظـه وللـشــك في الـكـــلام ردفــــــــه
- والحـمـد لله ذي الـمـعــالـي عـلـى ذي الـنــظــم والـمـعـــانــي
- وصـلى الله عـلـى النبي كلمـا سـنـــا بـــرق وبـالـقـطـــر هـمــــا.
الحيض : أصله السيلان ، فهو يدل على الانتشار ، ومنه الحوض لأن الماء يسيل فيه
وضد الحيض : الغيض : وهو النقص وعدم الانتشار ، ومنه قوله تعالى : { وما تغيض الأرحام وما تزداد } أي : ما تنقص من تسعة الأشهر .
والحيض : له تسعة أسماء أخر :
الضحك ، والإكبار ، والإعصار ، والدراس ، والعِراك ، والفِراك ، والطمث ، والطمس ، والنفاس أو النفاث ، ونظمها بعضهم :
حيض نفاث دراس طمس إعصار ** ضحك عِراك فراك طمث إكبار
ويجوز للمرأة أن تقول : أنا حائض ، ويجوز أن تقول : أنا حائضة
قال القاضي عياض في مشارق الأنوار ( 1/218 ) ، عند قول عائشة ـ رضي الله عنها ـ : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري فيقرأ القرآن وأنا حائض " قال :
" وقع في بعض روايات مسلم " وأنا حائضة " والوجهان جائزان ، قال تعالى : { ولسليمن الريح عاصفة } وقال تعالى : { جاءتها ريح عاصف } فإثبات الهاء فيها على إجرائها على فعل المؤنث ، وإسقاطها على طريق النسب ، أي : ذات حيض " أهـ
ومن عجائب خلق الله وعظيم حكمته أن دم الحيض من أنجس الدماء وهو نجس قليله وكثيره كما ذكر الفقهاء ، ولذلك حرم على المؤمن جماع أهله حال الحيض وأُمر باعتزالهم ، وأمر الشارع المرأة بعد تطهرها بزيادة تنظيف وهي أن تتبع أثر الدم بعد الغسل بمسك ونحوه من الطيب لإزالة الرائحة .
ومع هذا عندما تحبل المرأة ، ينقطع عنها دم الحيض في الغالب ، لأنه يتحول إلى غذاء للجنين يتغذى منه عن طريق الحبل السري ، ثم بعد الولادة يتحول دم الحيض إلى لبن يتغذى منه المولود عن طريق الثديين ، فانظر إلى ما كان أصله دماً نجساً ، ثم صار غذاءً طيبا يتغذى منه الطفل في الحالين ، وهذه إشارة ظاهرة في أن الدين وأحكامه وحكمه : [ لا تؤخذ بالرأي ، ولا تعلل بالعقل ] .
الحيعلة :
يقال : حي على كذا : أي : هلمّ وأقبل
ويقال : حي علا ، وحي هلا ، وحي هلاً ، وحي على كذا ، وحي إلى كذا
وحي هلَ ـ منصوبة مخففة مشبه بخمسة عشرَ
وحي هلْ ـ بسكون لكثرة الحركات ، وتشبيهاً بصه ومه
وحي هل بسكون الهاء ، وحي هَلَن وحي هَلْن
وذكر الزمخشري في ( الفائق ـ [1/ 342 ]) لغة أخرى وهي :
حيَهَلاَ ، بتخفيف الياء
وقد نظم ابن مالك معظم لغاته في بيتٍ فقال :
حيَّهلُ ، حيهلَ احفظ ثمّ حيهلاً *8* أو نون أو حيِّهل ثمّ قل حي علا
وهي كلمة استعجال مولدة ليست من كلام العرب ، لأنه ليس في كلامهم
كلمة واحدة فيها حاء وعين مهملتان
وقيل : معنى حي هلم وهلا : حثيثاً .
صار :
تفيد التحويل والتغيير ، وهو من الأفعال الناقصة { الناسخة } تدخل على المبتدأ والخبر
فترفع الأول ويسمى اسمها وتنصب الثاني ويسمى خبرها
نحو : صار الماءُ جليداً ، وتتصرف تصرفا تاماً
ومثلها في المعنى والعمل : آض ، وعادَ ، ورجعَ ، واستحالَ ، وارتدَّ ، وراحَ ، وحارَ ، وقعدَ
وقد جمعت بقولهم :
بمعنى صارَ في الأفعال عشرٌ ** تحـوّلَ آض عادَ ارجــعْ لتغتنم
وراحَ غدَا استحالَ ارتدَّ فاقُعد ** وحــارَ فهاكها والله أعـلمْ .
جمع التكسير :
جمع التكسير : ما دلّ على أكثر من اثنين ، ولم يسلم بناءُ مفرده من التغيير
كرجل و رجال ، ولون و ألوان
وله واحد وعشرون وزناَ ، أربعة منها للقلة ، وهي :
أفْعُلُ ـ أفْعَال ـ أفْعِلَة ـ فِعْلَة
يجمعها قولهم :
بأفْعُلٍ وبأفعالٍ و أفعِلةٍ ** وفِعْلَةٍ يُعرف الأدنى من العددِ
وسبعةَ عشرَ للكثرة مجموعة بقولهم :
في السُّفنِ الشُهْبِ البُغاة صُوَرُ ** مرضى القلوب والبحار عِبَرُ
غِلْمانهـم للأشقيـاء عَمَلـَهْ ** قُطّـاعُ قِضبـانٍ لأجـلِ الفِيَـلهْ
والعُقـلاء شُرَّدُ و منتـهـى ** جموعهم في السبع والعشر انتهـى