ملخص النظرية :
هناك تركيبات أساسية تشترك فيها اللغات جميعها , إن وظيفة القواعد التحويلية هي تحويل تلك التراكيب الأساسية إلى تراكيب سطحية – هي التراكيب المنطوقة فعلا , ويسمعها السامع .
ويعرف التركيب الباطني عند تشومسكي أو البنية العميقة : هو المعنى الكامن في نفس المتكلم بلغته الأم . ومقياسه المقدرة أو الكفاءة التي تتكون في الفرد وتجعله يعبر عما في داخله بجمل عديدة لم يسمعها من قبل . فالكفاءة والمقدرة اللغوية هي التي يقاس بها التركيب الباطني لدى الفرد .
ورأى تشومسكي أن اللغة إنما هي جهاز محكوم بقواعد معينة ينبغي اكتشافها , وأن العلاقات بين أجزاء الجملة الواحدة أعمق بكثير من تلك العلاقات الظاهرة على السطح .
هناك شقان للغة عند التحويليين :
الأول : هو المظهر الخارجي لها , أي الكلام المنطوق به فعلا .
الثاني : يتمثل في المقدرة أو الكفاءة الكامنة في الانسان التي تجعله يستوعب القواعد والأسس التي ينبني عليها الكلام .
فالنحو التحويلي : نظرية ذهنية تهتم بالحقيقة الذهنية التي تكمن وراء الأداء اللغوي .
واللغة تتكون من مجموعة محدودة من الأصوات ومع ذلك فهي تنتج عند التحويليين عددا غير محدود من الجمل , وفي ذلك يقول تشومسكي " إن أية لغة طبيعية تتكون من عدد غير محدود من الفونيمات ومن حروف الهجاء مكتوبة كانت أم منطوقة , وكل جملة تمثل عددا محددا من الفونيمات والحروف ومع ذلك تنتج تلك الفونيمات والحروف عددا غير محدود من الجمل "
بناء على ذلك هناك أربعة قوانين أو مراحل تمر بها اللغة ( النحو ) في ذهن الانسان :
1. قواعد التركيب الأساسي : وهي ما قصده تشومسكي عند حديثه عن اللغة بأنها : "جهازمحكوم بقواعد معينة ينبغي اكتشافها " .
وقد كانت قواعد التركيب الأساسي محل اختلاف التحويليين وذلك راجع إلى افتراض العالمية فيها . أي " كونها مشتركة بين معظم اللغات الانسانية إن لم تكن مشتركة بين جميع اللغات المستعملة في العالم كله " إذ أن الاستعداد اللغوي الموروث المشترك بين جميع بني الانسان لا بد أن يصاحبه وجود عناصر مشتركة بين جميع لغات بني الانسان
هذه العناصر المشتركة هي التي تكون التركيب العالمي الباطني , إن قوانين التركيب الباطني قائمة على تحليل الجملة إلى عناصر مختلفة ثم تحليل كل عنصر إلى عناصر صغيرة لا تقبل أن تكون أصغر من ذلك .
فمثلا في العربية تتكون الجملة من قسمين :
جملة فعلية : من فعل + اسم
أو من فعل + جملة جار ومجرور
( حرف جر + اسم مجرور )
جملة اسمية : من اسم + اسم
( مبتدأ ) + ( خبر )
أو من اسم + صفة
أو من اسم + جار ومجرور
( حرف جر + اسم مجرور )
والمقصود بالعالمية هنا أن نجمع جميع معطيات اللغة ( اللغات العالمية ) في فرضية واحدة معينة تطبق عليها جميع اللغات الموجودة في العالم .
لكن هذا مستحيل , لأن الفرضيات التي تصلح للغة لا تصلح للغة أخرى , بل إن الفرضيات لا تستطيع أن تستوعب كل أنماط اللغة الواحدة . من هنا جاء اختلاف التحويليين حول تصورها . ولا يوجد في الانجليزية جملة فعلية وجملة اسمية , لديهم فقط جملة اسمية فجميع الجمل لديهم تبدأ إما باسم أو ضمير . ثم يأتي الفعل بعد ذلك .
في الجملة العربية يكون الاسم عادة إما فاعلا في الجملة إذا كانت جملة فعلية مكونة من (فعل + اسم) وإما مبتدأ إذا كانت الجملة اسمية مكونه من( اسم + اسم) ( مبتدأ + خبر ) .
أما في اللغات الأخرى وخاصة الانجليزية فالفاعل والمبتدأ عندهم هو ( اسم ) وهو (فاعل ) في جميع الأحوال أيا كان ترتيبه في الجملة , من هنا يأتي الاختلاف في الفرضيات اللغوية . ولو نظرنا إلى الفارسية نجد أن الفعل لديهم في آخر الجملة , ولا يستطيع شخص لا يعرف الفارسية أن يفهم المعنى المطلوب من الجملة إلا إذا كان يتقن الفارسية .
فالقول بعالمية التراكيب مع هذه الاختلافات قول بعيد جدا عن الصواب .
2. مرحلة القواعد المفرداتية :
قانون المفردات يزودنا بالمفردات المناسبة والمختارة لتعويض العناصر الموجودة في التركيب الأساسي أو احلالها محل تلك العناصر . وكل مفردة لها ملامح خاصة يتم على أساسها تصنيف المفردة باكتسابها .
3. مرحلة القانون التحويلي :
وفي هذه المرحلة نستطيع أن نستعمل القوانين التحويلية لنجعل من التركيب الباطني تركيبا ظاهريا أو سطحيا لشكل الجملة . أي انها تستعمل في نتاج قوانين التركيب الأساسي لأنها تركيبات قابلة للتحليل ولا تستعمل في نتاجات أخرى غير قابلة للتحويل .
وهناك عدة وظائف للتحويل منها :
1. الحذف .
2. الاضافة أو الزيادة
3. التبادل وإعادة الترتيب
4. النسخ
5. التقديم
ومثال ذلك من النحو العربي , مثلا : نقول في ( اكتب ) فعل أمر مبني على السكون والفاعل محذوف وجوبا تقديره أنت . ويترجم هذا الكلام في النحو التحويلي إلى التركيب الأساسي : اكتب أنت , ثم نستعمل قانون التحويل ( الحذف ) فتصبح : اكتب .
4. مرحلة القوانين المورفيمية الصوتية :
وهي قوانين تحدد الصيغة المختلفة لأشكال التركيب السطحي فهي تحدد صيغة الماضي أو المضارع أو الأمر , وهي تحدد كسر الساكن الأول عندما يلتقي مع ساكن آخر , وحذف حرف العلة إن كان قبل حرف ساكن وهكذا ..... .
نخلص إلى أن نظرية النحو التحويلي ليست متكاملة بمعنى أننا لا نستطيع أن نطبقها تطبيقا كاملا في درسنا النحوي بكل ما يحتويه من معطيات أو معلومات نحوية .
إن نظرية النحو التويلي لها جانبان :
جانب لغوي : وهو خاص بالكفاءة أو المقدرة على اللغة التي يزود بها الانسان منذ ولادته وتجعله قادرا على النطق بمئات الجمل .
جانب نحوي : وهو خاص بقوانين الحذف والاضافة والتبديل حيث نبحث في التركيب السطحي الذي أمامنا ونحاول أن نرده إلى بنيته العميقة أو تركيبه الأساسي .
إن دراسة باب من أبواب النحو التقليدي على الطريقة التحويلية يقف أمامه عقبتان :
الأولى : خاصة بالاعراب والبناء من حيث الحركات ( فتحة , ضمة , كسرة , ......... الخ ) حيث لا مكان لها في النحو التحويلي .
الثانية : خاصة بالجملة الفعلية , فالفرضيات التحويلية تبدأ بالعبارة الاسمية أو الجملو الاسمية . وهي مناسبة جدا للانجليزية والفرنسية , أما العربية فهناك الجملة الفعلية التي تبدأ بفعل ولا نجد لها مكانا في القواعد التنحويلية .
وقد طبق المؤلف منهج التحويليين على باب من أبوب النحو وهو باب الابتداء وهو أصلح الأبواب النحوية للدراسة على منهج التحويليين ثم اخضاع ما يمكن من تلك القواعد للمنهج التحويلي .
باب الابتداء :
وفيه نجد مجالا لاخضاع ما فيه إلى المنهج التحويلي وذلك لسببين :
الأول : أن معظم الدراسات في هذا الباب تتعلق بالحذف والاضافة والتقديم والتأخير . كقاعدة حذف المبتدأ أو الخبر , أو تقديم الخبر على المبتدأ أو المبتدأ على الخبر في جميع أحوالهما جوازا و وجوبا , وغيرهما مما يندرج تحت باب الابتداء . وهذا مجال النحو التحويلي أو جانب فيه .
الثاني : أن الابتداء بالجملة الاسمية المبدوءة بالمبتدأ , وهذا يتفق مع التراكيب اللاساسية التي وضعها التحويليون والتي تبدأ دائما بالعبارة الاسمية .
اختار المؤلف بابا آخر من ابواب النحو بين فيه قصور الدرس النحوي التحويلي عن الإلمام بكل القواعد التي يطرحها الدرس النحوي التقليدي . وهو باب الحال , وليس هذا الباب وحده هو الذي يظهر فيه قصور النحو التحويلي بل إن هناك أبوابا كثيرة يتجلى فيها هذا القصور . وباب الحال نموذجا على بقية الأبواب .
باب الحال :
يتبين عجز النحو التحويلي عند تطبيق قوانينه على باب الحال لعدة أسباب منها :
تعريف الحال ( هو الوصف الفضلة المنصوب للدلالة على الهيئة ) . يعجز النحو التحويلي عن بيان تعريف الحال لأنه يتعامل مع الجملة وليس مع تعريفات نظرية . وكذلك بالنسبة لخصائص الحال فإن النحو التحويلي يعجز عن استيعاب خصائص الحال وكل ما يتعلق بالحال من ( عامل الحال , صاحب الحال , ..... الخ )
في النهاية :
إن النحو التحويلي يعيد صياغة أو بناء الجملة من بنيتها السطحية إلى بنيتها العميقة أو تركيبها الأساسي , أما في الدرس النحوي التقليدي فهناك التعريفات النظرية وهناك التفصيلات عن كل قاعدة وإحصاء لحالاتها المتعددة , وهذا ما لا نجده في النحو التحويلي .